لماذا يشنّ باسيل كل هذه الحروب الإلغائية دفعة واحدة؟
من يقرأ ما بين سطور ما يدلي به رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل من تصريحات وما يطلقه بين الحين والأخر من مواقف، وكذلك البيانات التي تصدر عن “التيار الأورونجي”، لا يسعه إلاّ أن يتساءل عن مغزى هذه الحرب التي يشنّها مَن يحارب طواحين الهواء، ومن يفتعل المشاكل التي تبدو في غير مكانها الطبيعي.
فإذا كان المقصود من هذه الحروب العبثية تغطية السماوات بالقبوات، أو “القوطبة” على مَن سيراشق “التيار” بسهام هي من صنعه في الأساس، في نهاية عهد جنوا عليه عندما أطلقوا عليه صفة “القوي”، وذلك خوفًا من تحميل “الصهر” مسؤولية كل هذا الفشل المجاني،
إذا كان الأمر هكذا فإن من يتلقى “السهام الباسيلية” لا يبالي ،خصوصًا في هذه الأيام الحالكة الظلام بسبب سياسات متتالية لوزراء من “التيار الإصلاحي” توالوا على وزارة الطاقة، بحيث أصبح اللبناني يعيش في عتمة دائمة بفضل هذه السياسات القائمة على الفساد وصفقات البواخر و”الكوميسيونات” الخيالية.
لهذا السبب يلجأ باسيل إلى “تطهير” “التيار”
لهذه الأسباب جاء بيان ميقاتي بهذه الحدة
فجبران باسيل المستجدّ في الحياة السياسية بمفهومها الميثاقي السليم والحقيقي لا يعرف ماذا تعني هذه الكلمة، لأنه في أساس تنشئته السياسية لا يعترف بالآخر شريكًا متساويًا معه في الحقوق والواجبات، ولا يقبل بأن يكون شريكه في المواطنة سوى من سؤّمن له مصالحه الذاتية، ويوصله إلى حيث يريد.
فالآخر بالنسبة إلى جبران هو من يلاقيه في مشاريعه الملتبسة، وفي تسوياته القائمة على صفقات تجارية، وعلى محاصصة وتقاسم الأرباح والغنائم، وهو الموضوع تحت مجهر العقوبات الأميركية، التي لا تُفرض عادة إلا على الرجال الذين تولوا مسؤوليات في بلادهم، وأثبتوا من خلال ممارستهم الشأن العام أنهم فاسدون ومفسدون، ويشجعّون الآخرين على الفساد، ويتهمون من لا يجاريهم في مخططاتهم بالفساد وسوء الإدارة.
الحرب التي يشنّها جبران باسيل على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ليست جديدة، بل بدأت يوم وقف في وجه مخططاته المشبوهة، ويوم رفض وبقوة القفز من فوق صلاحيات رئاسة الحكومة، وتخطّي شريحة واسعة من اللبنانيين، الذين كانوا من أساسات قيامة لبنان الحديث من خلال ثنائية بشاره الخوري ورياض الصلح، وتكرس هذا الأمر من خلال ما يُعرف بـ”الصيغة اللبنانية” الفريدة والمميزة.
لا يُخفى على أحد أن جبران باسيل يشّن أكثر من حرب على أكثر من جبهة وفي كل الإتجاهات، وهو بذلك لا يوفرّ أحدًا، بدءًا برئيس مجلس النواب نبيه بري، ومرورًا بوليد جنبلاط، ووصولًا إلى “القوات اللبنانية”، وبالطبع فهو لا ينسى بهذه الحروب العبثية الرئيس ميقاتي، وقبله كان للرئيس سعد الحريري حصة من هذه الحروب، والتي طاولته شظاياها.
فـ”الحروب الباسيلية” العبثية لم تترك له “صاحبًا”، بإستثناء من يجاريه في “جنون العظمة”، أو من يضاهيه. فهو بتقصد أن يستفز الجميع من دون إستثناء، وحتى حلفاؤهم لا يسلمون من “أذاه” ومن نرجسيته.
وفي إعتقاد من لا يزال يؤمن بأن لبنان لا يقوم إلا بتوافق جميع أبنائه على الخير والصالح العام أن كل هذه الحروب العبثية التي يشنّها باسيل في كل إتجاه إنما تهدف إلى إلهاء الناس الجائعين وحرف الأمور عن مسارها الحقيقي. ولكنه في النهاية لن ينجح ولن تصيب سهامه إلاّ الموقع الذي تنطلق منه، لأن الجميع أصبحوا مدركين ما جنت عليهم سياساته الرعناء والمتهورّة.
المصدر: خاص “لبنان 24”