ثوابت “تقنية” يكشفها ملف “التّرسيم”.. ماذا قصَدَ نصرالله بـ”الأيّام الحاسمة”؟


في خطابهِ يوم أمس السبت من بلدة شقرا الجنوبيّة، أكّد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أنّ الأيام الآتية ستُكون حاسمة على صعيد ملف ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل، معتبراً أنّ خطوةَ تسلّم لبنان لمسودة خطيّة للاتفاق هي خطوة إيجابيّة “بعد أشهر من الجهد والجهاد والنضال السياسي والميداني والإعلامي”.
واقعياً، فإن كلامَ نصرالله حملَ في طيّاته رسائل عديدة يُمكن أن تفتحَ النقاش أمام ما ستشهدُه المرحلة المُقبلة من تطوّرات، وتحديداً بالنسبة لـ”الأيام الحاسمة” التي تحدّث عنها. هنا، ترتبط المعطيات بِما ستُظهره نتائج تحليل مسودة الاتفاق التي تسلمها لبنان بشأن الترسيم، علماً أنّ المعلومات بشأنها كشفت عن تضمّنها فصلاً تاماً بين الترسيم البحري والبري، فضلاً عن اتفاقٍ بعدم انسحاب أي نقطة بحرية يُتفق عليها، على أيّ نقطة برية تؤثر على ترسيم الحدود البريّة لاحقاً.
حتى الآن، فإن تلك المعطيات المرتبطة بالمسودة ما زالت في إطار الكلام ولا يُمكن البناء عليها بشكل كامل، وذلك لسببين:

1- الأوّل وهو أنّ الرؤساء الـ3 ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي الذين تسلموا المقترح الأميركي، لم يكشفوا عن المضمون الذي حصلوا عليه، بل كان الاختيارُ واضحاً باتجاهِ تحويل الملف إلى دراسة عسكرية وتقنيّة يُشرف عليها الجيش وخبراء آخرون.

2- أما السبب الثاني الذي يفرض خطوة عدم البناء إلى أي معلومات حالية أساسهُ عدم معرفة التفاصيل القانونية والتقنية المرتبطة بمسودة الاتفاق الأولي، وعمّا إذا كانت هناك ثغراتٌ يمكن أن تُشكل عائقاً أمام إتمام أي تقدّم مُنتظر.
وإنطلاقاً من السببين الواردين أعلاه، قالت مصادر مواكبة لملف الترسيم لـ”لبنان24″ إنّ أي إشاعة لأجواء إيجابية بشأن ما تمّ تقديمه، يبقى كلاماً لا طائل منه قبل تبيان حقيقة الطرح، معتبرة أن الكلام الصّائب الذي قيلَ بشأن الملف يوم أمس هو ما صدر عن أوساط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التي قالت إن الملف بحاجة إلى دراسة تقنيّة قبل الإجابة السياسية.

بالنسبة للمصادر، فإنّ الخطوة الأساسية التي يجب اعتمادها هو أن تضمين كافة معطيات الطرح الأميركي على الخرائط والإحداثيات الخاصّة بلبنان لتحديد الحقوق أولاً وتبيان أن كل الشروط التي يريدها لبنان قد تمّت تلبيتها.

عملياً، فإنّ الكلام عن أن الفصل التام بين الحدود البحرية والبريّة والاتفاق بعدم انسحاب أي نقطة بحرية على أي نقطة بريّة تؤثر على ترسيم الحدود البريّة لاحقاً، هو أمرٌ يثيرُ تساؤلاتٍ أساسية، في حين أنه يطرحُ ثغرة يجب تداركها.

وفقاً للمصادر، فإنّ أول نقطة يجب معرفتها هو أن أي خطّ بحري للترسيم يجب أن ينطلق من نقطةٍ بريّة ثابتة، وتابعت: “لهذا، فإن الخط 23 الذي يتمسّك به
لبنان يجب أن يُحدد نقطة بريّة ثابتة تُشكل في أساسها حدود لبنان مع فلسطين المحتلة. وهنا، فإن تلك النقطة تتحدّد برأس الناقورة التي يجب أن ينطلق منها أي خطّ بحري”.

وأضافت: “تقنياً، لا يمكن أن يكون الخطّ البحري قانونياً من دون تحديد نقطة بريّة ينطلق منه.. فماذا الذي يعنيه الكلام عن أن الاتفاق يتضمن فصلاً تاماً بين الحدود البحرية والبريّة؟ نقطة رأس الناقورة هي نقطة بريّة.. فكيف سيتم احتسابها؟ هذه ثغرة يجب أن ينتبه لها لبنان بالدرجة الأولى لأن ستؤدي إلى مفاجآت على صعيد الحدود البرية لاحقاً وهنا المشكلة التي قد نخشى حصولها”.

مع هذا، فإن المصادر أكدت أنه إلى جانب كل الدراسات التقنية للمسودة، يجدر في بداية الأمر إخضاع مضمونها للدراسة القانونية، وتضيف: “الكلام السياسي لا يُفيد في هذا الملف، وحقوق لبنان سيُحددها الخبراء وليس صحيحاً أن لبنان وافق على الاقتراح لرفعه إلى الامم المتحدة. الصحيح هو أن لبنان سيبادر الى تلك الخطوة بعد انهائه درس الاقتراح، وليس الآن”.

وتابعت: “حتماً، فإن كلام الرئيس بري يوم أمس عن أن اتفاق الترسيم يجب أن يُوقع في الناقورة عند نقطة الحدود، هو إشارة ضمنيّة إلى لبنان يجب أن يُحقق ترسيم الحدود البحرية انطلاقاً من نقطة رأس الناقورة التي تحفظها القوانين والمواثيق الدولية وتشكل نقطة أساسية محورية للحدود الجنوبية”.

ماذا عن “أيام” نصرالله الحاسمة؟

وبالعودة إلى “الأيام الحاسمة” التي تحدث عنها نصرالله، فإن الكلام هنا يشير إلى نقاط لا ترتبطُ حصراً بتصعيد عسكري في الوقت الراهن، بل ترتبطُ حُكماً بحسم كل جوانب الاتفاق في لبنان.
وهنا، تقول مصادر مقربة من “حزب الله” لـ”لبنان24″ إن الأيام المقبلة ستكون حاسمة “لبنانياً”، وتضيف: “إذا وافقت الدولة على مضمون الطرح بعد تطابقه مع الحقوق، عندها سيكون الحسم إيجابياً أي أننا سنذهب نحو ترسيم للحدود واتفاق ضمني. أما في حال كانت هناك ألغام ضمن الاتفاق، عندها لكل حادث حديث”.

مع هذا، فقد كشفت المصادر إن “حزب الله” ورغم الإيجابية التي كان يتحدث بها، إلا أنه لم يكن مستبعداً اللجوء إلى خيار عسكري في حال حصول أي تقاعس، معتبرة أن الخطوة الأميركية التي جرت مؤخراً عاملٌ أساسي يدلّ على تراجع التسويف، وبالتالي الانطلاق نحو حلّ قريب، شرط أن يكون ضمن الشروط اللبنانية، وأضافت: “حزب الله ما زال مستنفراً، وعندما يتبين وجود أي تلاعب إسرائيلي بالاتفاق، فإن الرّد سيكون جاهزاً وطبيعته لن تُكشف أبداً حالياً لأنّ الأمور لم تصل إلى هذه المرحلة، والحسمُ ينتظر الرد اللبناني على المقترح الأميركي”.
المصدر: خاص “لبنان 24”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى