أخر الأخبار

إسرائيل بحاجة إلى مقاربة جديدة تجاه ح. ز. ب الله في لبنان

ورقة سياسية صادرة عن معهد القدس للاستراتيجية والأمن


ترجمه من اللغة الانجليزية زهراء قصير

صدر عن معهد القدس للاستراتيجية والأمن ورقة سياسية بعنوان «إسرائيل بحاجة إلى مقاربة جديدة تجاه ح. ز. ب الله في لبنان»، كتبها عمر دوستري؛ متخصّص في الاستراتيجية والأمن القومي.

سرد الكاتب بعض الأحداث التي حصلت على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وما اسماها “استفزازت ح. ز. ب الله”، واعتبر أن ما حصل سابقًا من استفزازت في ضوء فشل إسرائيل في الرد عليها شجّع ح. ز. ب الله وأضعف الردع الإسرائيلي.

ويقترح دوستري لاستعادة الردع مقابل ح. ز. ب الله أن تنتهج اسرائيل نهجًا جديدًا يعتمد على نشاط عسكري، سريّ، قابل للإنكار، يتدرّج في قيمة الأهداف، بدءً من أهداف ثانوية من أجل خلق إمكانية «تعويد» ح. ز. ب الله على معادلة الردع الجديدة.

وهذا نص الورقة

تم تقديم قرار مجلس الأمن الدولي في 31 آب/أغسطس بتمديد ولاية قوة الأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) كإنجاز دبلوماسيٍّ مهمٍّ لإسرائيل. كانت إسرائيل مسرورةٌ بنَصّ التفويض الممنوح لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والذي أتاح لها حركة غير مقيدة في مختلف أنحاء جنوب لبنان (وليس حصرها في منطقة الحدود فقط). فضلاً عن ذلك فقد حصلت قوة الأمم المتحدة المؤقّتة في لبنان على الإذن بالقيام بدوريات مفاجئة في جميع أنحاء جنوب لبنان.

ويتضمّن قرار مجلس الأمن الدولي إشارة مبهمة إلى حاجة اليونيفيل إلى التنسيق مع الجيش اللبناني، حتى لو تمّ السماح بدوريات مستقلة. وهذا يعطي للجيش اللبناني وح. ز. ب الله ذريعة لعرقلة دوريات اليونيفيل.

وبعيداً عن صياغة القرار، فإن التوقّع من اليونيفيل أن تعمل ضد رغبات ح. ز. ب الله هو أمرٌ غير واقعي. ومن غير المرجح أن تعتني قوات حفظ السلام بمصالح إسرائيل في جنوب لبنان. ويظهر التاريخ أن اليونيفيل تتراجع عندما تواجه معارضة ح. ز. ب الله. على الرغم من أن اليونيفيل مخوّلة منع تهريب الأسلحة إلى لبنان من سوريا، لا توجد حتى حالة واحدة من حالات منع ناجحة مسجّلة. وقد تم نشر اليونيفيل في جنوب لبنان منذ عام 1978، وذلك لم يمنع ح. ز. ب الله من تعزيز وحشد أكثر من 200 ألف صاروخ.. لذلك، لا يمكن لإسرائيل الاعتماد على قوى خارجية لضمان أمنها. على الدوام، لم تمنع قوّة الأمم المتحدة بشكلٍ فعّالٍ أي نشاطات عدائية ضد إسرائيل في أي ساحة.

ويأتي إقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتفويض اليونيفيل وسط التوترات المستمرّة على الحدود الشمالية لإسرائيل. منذ بداية عام 2023، استفزّ ح. ز. ب الله إسرائيل مرارًا وتكرارًا. في 13 آذار/مارس، قام إرهابيٌّ لبناني، ربما كان يعمل نيابة عن ح. ز. ب الله أو بمعرفته، بتفجير قنبلة على جانب الطريق بالقرب من مفترق مجيدو. وأدّى ذلك إلى إصابة أحد المدنيين بجروح خطيرة. في 6 نيسان/أبريل، أطلق نشطاء حماس المتمركزون في لبنان 34 صاروخاً على الجليل الغربي، إلى جانب صواريخ استهدفت المطلة، مع مؤشّرات على موافقة ضمنية، على الأقل، من حز. . ب الله. وحتى لو لم يكن «ح. ز. ب الله» ينسّق أو يؤيد هذه العمليات بشكلّ مباشر، فمن المنطقيّ افتراض أنه كان على علمٍ بها، نظراً لسيطرته الكاملة على جنوب لبنان.

في 6 يوليو، تمّ إطلاق صاروخ مضاد للدبابات باتجاه الأراضي الإسرائيلية، ممّا دفع إسرائيل إلى إطلاق نيران مدفعية باتجاه موقع الإطلاق. في 21 حزيران/يونيو، نصب ح. ز. ب الله خيمتين مع نشطاء مسلّحين على الأراضي الخاضعة للسيادة الإسرائيلية، وقاموا بمحاولات متكرّرة لاختراق السياج الحدوديّ. على سبيل المثال، في 12 يوليو/تموز، حاول عناصر من ح. ز. ب الله اختراق السياج الحدودي وصدّتهم قنابل الصوت الإسرائيلية، مّما أدّى إلى إصابة ثلاثة من أعضاء ح. ز. ب الله. وفي اليوم نفسه، هاجم ح. ز. ب الله كاميرات المراقبة حول “بوابة فاطمة” بالقرب من المطلة، حتى أنّه سرق واحدة منها. وقد تفاقمت هذه الحوادث بسبب العديد من الاشتباكات والخروقات للخط الأزرق من قبل أفراد يتظاهرون بأنهم مزارعون ولاجئون.

ويبدو أن جرأة ح. ز. ب الله المتزايدة تنبع من التآكل المستمر للردع الإسرائيلي. في البداية، وقّعت إسرائيل اتفاقية الحدود البحرية مع لبنان في 27 أكتوبر 2022، على خلفية تهديدات حزب الله بالقيام بعمل عسكري إذا بدأت إسرائيل الإنتاج من حقل غاز الكريش دون توقيع الاتفاقية مع لبنان.

في الوقت نفسه، في 2 يوليو 2022، أرسل ح. ز. ب الله ثلاث مسيّرات باتجاه منصة غاز إسرائيلية. ثبُت أن الموافقة على الاتفاق بينما كان ح. ز. ب الله يصدر تهديدات كان خطأً. هذه التهديدات والإجراءات من قبل ح. ز. ب الله عزّزت نفوذه داخل لبنان، حتى بين أولئك الذين عارضوا المنظمة الإرهابية. في لبنان، تم تصوير إسرائيل على أنّها استسلمت لتهديدات ح. ز. ب الله. بالإضافة إلى ذلك، بررت الحكومة الإسرائيلية قرارها بالتوقيع على الاتفاق بالرغبة في تجنّب صراعٍ واسع مع ح. ز. ب الله.

علاوة على ذلك، فشلت إسرائيل في الرد على معظم استفزازات ح. ز. ب الله خلال العام الماضي، بما في ذلك احتلال خيمة على أرض إسرائيلية ذات السيادة. وقد أدى ضبط النفس الإسرائيلي هذا إلى إضعاف الردع ضد ح. ز. ب الله، ممّا شجع المنظمة.

لا تميل إسرائيل إلى تصعيد التوتر في المنطقة الشمالية والدخول في صراع عسكريٍّ واسع النطاق مع ح. ز. ب الله.

تواجه إسرائيل تحديات سياسية وأمنية أكثر إلحاحًا، بما في ذلك معالجة الانقسامات الداخلية داخل المجتمع الإسرائيلي وكذلك الجيش الإسرائيلي، وتعزيز علاقات أوثق مع المملكة العربية السعودية، والنهوض باتفاقات ابراهم، أضافةً لمواجهة التهديد الإيراني، الذي يتضمّن اتفاقاً نوويّاً ضمنيّاً بين الولايات المتحدة وإيران.

ومع ذلك، يجب على إسرائيل أن تعزز ردعها ضد ح. ز. ب الله. لذلك، يتعيّن عليها تغيير نهجها في لبنان نحو التصعيد التدريجي والمسيطر عليه. في المرحلة الأولى، تحتاج إسرائيل إلى اعتماد تدابير عسكرية مدروسة أقل من الحرب، على غرار المعارك بين الحروب التي تخوضها اسرائيل في سوريا وأماكن أخرى من الشرق الأوسط. وينبغي تنفيذ العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان تدريجياً، باستهداف أهداف “منخفضة القيمة” قبل التقدم نحو أهداف أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية مع الحفاظ على درجة عالية من الغموض والإنكار المعقول.

قد تقلّل العمليات العسكرية السرية من احتمال ردّ فعل انتقامي من ح. ز. ب الله. وقد يفرض ذلك على ح. ز. ب الله معادلة جديدة ستؤدي بمرور الوقت إلى تآكل قدرات الجماعة الإرهابية الشيعية وتعزيز الردع الإسرائيلي.

من المعقول أن نفترض أن ح. ز. ب الله لا يرغب حالياً في حرب مع إسرائيل لعدة أسباب مقنعة. وينصب تركيزها الأساسي على المجال المحلي في لبنان، مدفوعاً في المقام الأول بالاضطرابات السياسية والاقتصادية الشديدة التي تجتاح البلاد. وفي داخل التنظيم الشيعي، تُبذل جهود كبيرة لتأييد مرشح رئاسي في لبنان متحالف مع المعسكر الشيعي، الذي يتمتع بدعم إيران. ويشمل هذا المسعى لاعبين عالميين بارزين مثل فرنسا والولايات المتحدة وقوى إقليمية مثل المملكة العربية السعودية. من المرجح أن يرغب ح. ز. ب الله في تجنب الظهور كعائق أمام جهود المصالحة الوطنية في لبنان.

علاوة على ذلك، قدّم ح. ز. ب الله توقيع اتفاقية الحدود البحرية مع إسرائيل على أنها إنجاز خاص به دون اللجوء إلى الحرب. في الآونة الأخيرة، بدأت شركات الطاقة أنشطة استكشاف للغاز في المياه الاقتصادية اللبنانية، وربما لا يرغب ح. ز. ب الله في تحميله المسؤولية عن تقويض اقتصاد لبنان واستقراره خلال أزمة اقتصادية وسياسية عميقة.

ومع ذلك، فإن النهج المقترح ينطوي على خطر التصعيد العسكري الذي يجب أخذه في الاعتبار. على إسرائيل أن تستعد لتطوير محتمل للمناوشات العسكرية لفترة محدودة. في مثل هذا السيناريو، يمكن لإسرائيل أن تستفيد من التصعيد لإلحاق ضرر كبير بالقدرات العسكرية لح. ز. ب الله. وقد يشمل ذلك استهداف مخزونات الصواريخ التابعة للتنظيم ومنصات الإطلاق ومراكز القيادة والسيطرة، لا سيما في جنوب لبنان.

وبدون استعداد للتصعيد، سيستمر الردع الإسرائيلي في التآكل. وبالتوازي مع الجهود السابقة، يجب على إسرائيل الاستعداد لحرب مع ح. ز. ب الله. وينبغي استكمال هذه الاستعدادات العسكرية بتعزيز القدرات الدفاعية ضد وابل الصواريخ من لبنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى