الجنوبيون الخضر يحذرون من كارثة بيئية نتيجة إستخدام الاحتلال الإسرائيلي قنابل الفسفور الأبيض
مع بدء اعتداءاتها على المناطق الجنوبية في الثامن من أكتوبر/ تشرين أول الجاري عمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى إستخدام قنابل الفسفور الأبيض – المحظور بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بما في ذلك إتفاقية جنيف للعام 1980، بهدف حماية المدنيين والبيئة أثناء النزاعات المسلحة**- في قصفها لمناطق عدة على إمتداد الحدود مع فلسطين، بدءاً من العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول ولغاية إصدار هذا البيان في 23 منه، ومن بين تلك المواقع: تلال كفرشوبا، سهل الماري، المجيدية، يارون، الناقورة، علما الشعب، عيتا الشعب، الضهيرة، يارين، البستان، القوزح، بيت ليف، بليدا، رميش، حولا ..( في أقضية صور وبنت جبيل وحاصبيا ومرجعيون).
لقد إستهدف القصف بشكل أساسي ومتعمد مناطق مدنية وكذلك المناطق الحرجية والزراعية المفتوحة، وهو ما أدى إلى اشتعال الحرائق في عدد منها كما أدى إلى تلويث تلك المواقع بالفسفور الأبيض، وهو ما يحمل مخاطر عديدة على الأهالي كما على البيئة والحياة البرية.
المخاطر على الحياة البرية والبيئة
تؤدي قنابل الفسفور الأبيض حين تفجيرها في الجو إلى نشر 116 شظية مشتعلة مشربة بالمادة تشتعل عند ملامستها للأوكسجين وتنتشر، بحسب الارتفاع الذي تنفجر فيه وحالة الرياح، على مساحة كبيرة متسببة بآثارٍ مدمرة على الحياة البرية والأراضي الزراعية كما على المحاصيل في المناطق المستهدفة وفي هذه الحالة المنطقة الممتدة على طول الحدود مع فلسطين والتي تمتاز بأحراج السنديان المعمر وبساتين الزيتون المعمرة بالإضافة إلى الأنواع الحرجية الأخرى من بينها الخرنوب والصنوبر.
إن الإستخدام المتواصل لقوات الاحتلال لهذه القنابل يؤدي إلى تدمير الموائل الطبيعية في تلك المواقع وقتل أو إصابة الأنواع المختلفة بما في ذلك الثدييات والطيور والحشرات التي تضمها كما يؤدي إلى فقدانها لملاذاتها.
وكما هي الآثار التي تتسبب بها على سكان المناطق المستهدفة، تعاني الحيوانات التي تتعرض للفسفور الأبيض من حروق وإصابات خطيرة، يصعُب في أغلب الحالات الوصول إليها أو علاجها مما يؤدي إلى موتها بعد معاناة، وهو ما يتسبب بالمقابل بإلحاق الضرر الكبير بالنظم البيئية وإستدامتها.
كذلك، من شأن استخدام الفسفور الأبيض تلويث مصادر المياه وتهديد النظم البيئية المائية للأحواض والأنهر والجداول وبشكل أكثر خطورة نظام الأراضي الرطبة، مما يؤدي إلى تدهورها وإصابة أو نفوق الأنواع المائية من أسماك وطيور وحشرات والبرمائيات.
كما يحمل الفسفور الأبيض آثار مدمرة على المناطق الزراعية المستهدفة، حيث يؤدي إلى إشتعال الحرائق في المحاصيل وتدمير المواسم إضافة إلى تلويث التربة مما يجعلها غير صالحة للزراعة لفترة قد تطول بحسب مستوى ودرجة التعرض والتلوث وهو ما يستدعي معالجة معقدة ومكلفة ويمكن للمخلفات السامة في التربة أن تؤثر على نمو المحاصيل.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد أكدت في تقرير نشرته في 12 أكتوبر/ تشرين أول إستخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للقنابل الفسفورية ن دون أن يدفع ذلك المنظمات الدولية إلى إتخاذ أي موقف أو إجراء فعال لوقف الإنتهاكات من قبل قوات الإسرائيلية.
إزاء ما تقدم، نطالب المنظمات الدولية والمجتمع الدولي التدخل العاجل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الأراضي والأجواء اللبنانية، والعمل على إلزام قوات الإحتلال الإسرائيلي بالوقف الفوري عن إستخدام قنابل الفسفور الأبيض المحظورة ضد المواقع المدنية والبيئية في لبنان، محذرين من وقوع كارثة بيئية كبيرة في حال إستمرار هذه الإنتهاكات الإسرائيلية والصمت حيالها.
** ينص البروتوكول الثالث من معاهدة جنيف (1980) بشأن حظر أو تقييد استعمال الأسلحة المحرقة، في المادة الثانية المتعلقة بحماية المدنيين والأعيان المدنية، على التالي :
1- يحظر في جميع الظروف جعل السكان المدنيين بصفتهم هذه، أو المدنيين فرادى، أو الأعيان المدنية، محل هجوم بالأسلحة المحرقة.
2- يحظر في جميع الظروف جعل أي هدف عسكري يقع داخل تجمع مدنيين هدفاً لهجوم أسلحة محرقة تطلق من الجو.
3- يحظر كذلك جعل أي هدف عسكري يقع داخل تجمع مدنيين هدفاً لهجوم بأسلحة محرقة غير تلك التي تطلق من الجو، إلا حين يكون الهدف العسكري واضح الانفعال عن تجمع المدنيين وتكون قد اتخذت جميع الاحتياطات المستطاعة كيما تقصر الآثار المحرقة على الهدف العسكري ويتفادى ويخفف إلى الحدود الدنيا في أية حال، ما قد ينجم عنها عرضاً من وقوع خسائر في أرواح المدنيين أو إصابتهم بجروح أو تلف الأعيان المدنية.
4- يحظر أن تجعل الغابات وغيرها من أنواع الكساء النباتي هدف هجوم بأسلحة محرقة إلا حين تستخدم هذه العناصر الطبيعية لستر أو إخفاء أو تمويه محاربين أو أهداف عسكرية أخرى، أو حين تكون هي ذاتها أهدافاً عسكرية.