رماة الصواريخ في حزب الله .. ماذا قال العدّو عنهم و عن مهاراتهم ؟

 

في أعقاب استخدام حزب الله صواريخ متطوِّرة جديدة ضدّ المواقع والاستحكامات الإسرائيلية المنتشرة على الحدود مع لبنان، أفرد عدد من الخبراء والمُعلقين الإسرائيليين المتخصّصين مساحة لمناقشة طبيعة التحديات والتهديدات التي تفرضها الأسلحة المتطوِّرة التي كشف عنها الحزب أو استخدمها في سياق المواجهات الجارية مع “الجيش” الإسرائيلي منذ بدء الحرب في قطاع غزة.

انشغال الخبراء والمُعلقين بقدرات حزب الله الصاروخية الموجّهة سلك اتجاهَين: الأول هو التحدّيات والتهديدات التي تشكّلها الصواريخ الجديدة التي استخدمها الحزب خلال المواجهات، لجهة القدرات والميزات والمنشأ، ولا سيما صاروخ “ألماس 1” الذي يؤمّن ميزة إصابة الهدف بدقّة من دون خط رؤية مباشرة، والآخر هو المهارات “الإبداعية” التي أظهرها مطلقو الصواريخ في ظلّ ظروف الرمي الصعبة التي تفرضها قدرات “الجيش” الإسرائيلي الاستخبارية والعملانية والخبرة العملية الطويلة والنادرة التي راكموها على مدى سني القتال ضد جيش قوي ومتطوّر كجيش الاحتلال.

صواريخ جديدة

بحسب خبراء، خلال الأسبوع الأخير، انضم بشكل علني ورسمي إلى منظومة صواريخ حزب الله التي استخدمها في حرب لبنان الثانية (حرب تموز 2006 – الكورنيت) صاروخ جديد مضاد للدروع من طراز “ألماس 1″، الأمر الذي ظهر في توثيق فيديو لهجوم على منشأتَين استخباريتَين تابعتَين لـ”الجيش” الإسرائيلي على الحدود اللبنانية.

وقال خبراء إن الصاروخ المذكور لديه قدرات متطوّرة تُتيح لمشغّليه إطلاقه باتجاه الهدف من دون الحاجة إلى خط رؤية مباشرة من زاوية الرؤية الخاصة بالرامي، إذ إنَّ الرامي يُتابع مساره عبر كاميرا مثبّتة في مقدمته، إلى أن يقوم الصاروخ بتشخيص الهدف. وعندئذ، يواصل توجيهه حتى يحقّق إصابة دقيقة.

وأشار الخبير والباحث الإسرائيلي في مجال الصواريخ والمسيّرات طال عنبر إلى أن “هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توثيقٌ، لا لبس فيه، لإطلاق هذا الصاروخ (ألماس 1)، لكنه ليس الإطلاق الأول”، فالتوثيق الأول كان ذاك الذي بثّه حزب الله، والذي ظهر فيه إطلاق صاروخ “ألماس 1” باتجاه منشأة استخبارية في سلسلة الهضاب الحدودية شمالي مستوطنة شلومي.

وأضاف عنبر أن “الفيلم القصير ينتهي ظاهرياً عندما يُصيب الصاروخ القبّة، لكن لا يمكن رؤية الانفجار”، وأن “القبة – التي يبدو أنها أُصيبت – منصوبة على الأرض، وليست مرفوعة، الأمر الذي يمكن أن يشير إلى أنها غير عملانية [ليست قيد الاستخدام]”.

ولفت عنبر إلى أن صاروخ “الماس 1” الذي كُشِف عنه للمرة الأولى عام 2016 “هو نسخة عن أحد صواريخ المضاد للدروع المتطوّرة في ترسانة الجيش الإسرائيلي”، وأضاف: “أصل الصاروخ هو عدة صواريخ سبايك إسرائيلية سقطت غنيمة في يد حزب الله عام 2006″.

وفي رأي عنبر، يشكّل هذا الصاروخ تحدياً لـ”الجيش” الإسرائيلي نظراً إلى أن إحدى مزايا صاروخ “سبايك” الشهيرة هي قدرته على تنفيذ الهجوم على الدبابات والآليات المصفّحة من الأعلى، وتحقيق إصابة في المنطقة التي يكون فيها التصفيح ضعيفاً نسبياً.

وفي السياق عينه، قال الباحث السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية عومر هلالي: “في الأسبوع الأخير، نشر حزب الله فيلمَين مثيرَين للقلق يشيران إلى قدرة متقدّمة جداً جداً يمتلكها لم تُنشر قبل هذا الوقت في وسائل الإعلام. وفي هذين الفيلمين، يستعرض قدرة إطلاق صاروخ مضاد للدروع يشبه صاروخ سبايك أو غيل الإسرائيلي” (السبايك الإسرائيلي هو النسخة التجارية لصاروخ غيل).

ويذكر هلالي أنّ أحد التحديات التي يفرضها استخدام هذا النوع من الصواريخ (التي لا يحتاج الرامي فيها إلى رؤية مباشرة) تتمثل في كونها “تصعّب على الجيش الإسرائيلي جداً اصطياد خلايا ضد الدروع، لأنّها غير موجودة في مجال الرؤية”.

وفي السياق نفسه، يُحلل هلالي خلفيات قيام حزب الله بكشف قدرات غير مُعلنة سابقاً قبل الحرب، ويرى أن هذا الأمر مثير للاهتمام، ويطرح في مقابل ذلك جوابَين يكملان بعضهما بعضاً: الأول هو حاجة الحزب إلى إجراء تدريب عملي لعناصره قبل الحرب، والآخر هو محاولة ردع “إسرائيل” عن القيام بهجوم واسع عبر إظهار القدرات المتطوّرة التي ستعقّد المناورة الإسرائيلية.

من جهة ثانية، أبدى خبراء ومعلقون إعجاباً بقدرات الإيرانيين على استنساخ (الهندسة العكسية) الأسلحة الإسرائيلية والأميركية المعقّدة. وفي هذا المجال، قال عنبر إن “تطوير صاروخ من هذا النوع هو أمر معقّد جداً ويستغرق سنوات. وقد عملت عليه أفضل الأدمغة”. وأضاف: “يصعب جداً استنساخ كل شيء بشكل كامل، لكن وفقاً لنتائج التجارب في إيران، على افتراض أن الحديث لا يدور عن تزييف فوتوشوب، فقد توصّلوا إلى مستويات دقة نقطوية”.

ثمة قلق إضافي جرى التعبير عنه خلال النقاش الإعلامي حول تطوّر قدرات حزب الله التكنولوجيّة، وهو الطائرات المسيّرة الاستخبارية والانقضاضية. وبحسب تقارير، في نهاية الأسبوع الأخير، نشر حزب الله فيلماً آخر مثيراً للقلق، بدت فيه طلعة جمع استخباري في “عمق إسرائيل” نفّذتها كما يبدو نموذج طائرة من دون طيار، “ووفقاً لما تم ادعاؤه في الفيلم، الطلعة نُفّذت يوم الأربعاء 24 كانون الثاني. وتظهر في الفيلم الطائرة خلال تحليقها فوق سهل الحولا، ملتقطة صوراً جوية لكيبوتس كفر بلوم، وما يبدو، بحسب ادعاء حزب الله، بطارية قبة حديدية بمحاذاة الكيبوتس”.

وما استوقف معلّقين هو عدم نشر أي إنذار في 24 كانون الثاني/يناير بشأن تسلل طائرة معادية في هذه المنطقة، ولا حتى في اليوم التالي، أي يوم الهجوم على بطارية القبة الحديدية القريبة من “كفر بلوم”.

وفي نظرة أكثر شمولية، لفتت مديرة مديرية التطوير والعلوم والتكنولوجيا سابقاً، هيله حملنيك، إلى الفجوة الكبيرة بين الساحتين الشمالية والجنوبية (غزة)، ورأت أن السّاحة الشمالية متطوّرة جداً على الصعيدَين الكمي والنوعي، ومن حيث قدرة المناورة في الدقة والمدى. وأشارت إلى أن منظومة “القبة الحديدية” ومنظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي بشكل عام، “مقلاع داوود” و”حيتس”، تطوّرت أيضاً على مدى سنوات، بما يتلاءم مع ما هو موجود في الساحة الشمالية.

قناصو الدبابات

تحت عنوان “كيف تنجح صواريخ حزب الله المضادة للدروع في تجاوز كل الدفاعات الإسرائيلية؟”، تحدّث تقرير إسرائيلي عن مهارات الرماية التي يتمتع بها رماة الصواريخ المضادة للدروع في حزب الله، إذ رأى معلقون أن “منظمة حزب الله بطلة في القنص بالصواريخ”، وقالوا: “لو كان في الألعاب الأولمبية الشتوية ميدالية مخصّصة للعبة الإصابة بالصواريخ الموجّهة، لنال لبنان الميدالية الذهبية”، نظراً إلى الخبرة الطويلة التي راكمها الحزب، والتي تصل إلى نحو 40 عاماً.

وحول نشأة وتطوّر سلاح الصواريخ لدى حزب الله، أشار معلّقون إلى أن الحزب اعتمد منذ تأسيسه على إطلاق صواريخ ضد الدروع بمنزلة ردّ على تفوق “الجيش” الإسرائيلي في كل المجالات، وعلى حقيقة أن كل عنصر من حزب الله يقترب من المواقع الإسرائيلية يتلقى صلية من قاذف القنابل (المقنبلات).

وأشار معلقون إلى أن الحزب اعتمد في البداية على صواريخ الساغر الموجّهة بواسطة سلك، الأمر الذي سمح له بضرب “الجيش” الإسرائيلي من دون تعريض عناصره للخطر. ولاحقاً، تم استبدال الساغر بعتاد أكثر تطوّراً، إلا أن الصاروخ الأخطر كان “الكورنيت” الموجّه بواسطة أشعة الليزر، والمزوّد بشحنة انفجارية مزدوجة قويّة جداً.

أما أسباب تحوّل عناصر ضد الدروع في حزب الله إلى رماة مهرة، فتعود -في رأي المعلقين- إلى الأسباب التالية:

– التدريب الوثيق في إيران لسنوات، والذي يشمل عتاداً وتدريبات شاملة وتقنيات دراسة تُحسّن الأسلوب.

– الخبرة والتجربة الطويلتان بالذخيرة الحية وضمن الظروف الصعبة والمعقّدة.

– قدرة “الجيش” الإسرائيلي على اجتراح حلول وتطوير قدرات في مجال الدفاع ضد الصواريخ، الأمر الذي فرض على رماة حزب الله أن يكونوا مبدعين.

– الطبيعة الجغرافية في لبنان التي أعطت ميزة للرّماة، فهي حرجية جداً. ونسبياً، من السهل على خلية الصواريخ الاقتراب ونصب كمين ثم الإطلاق والانسحاب، وهكذا الحصول على فرصة للتعلم من الأخطاء وتحسينها.

– توسّع نطاق القرى اللبنانية يُساعد الرماة أيضاً، إذ توجد مبانٍ مشرفة على المستوطنات والمواقع الإسرائيلية يستخدمها حزب الله للتسديد والإطلاق بسهولة من دون المُخاطرة والانكشاف.

المصدر : الميادين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى