جعل مزارع شبعا بوابة للعبور إلى القدس .. كيف يشكلّ ” السيّد حسن نصر الله ” خطراً وجودياً على الكيان ؟
الهجوم الصاروخي على صفد هو ارتفاع في الدرجة في إطار القيود التي يواصل السيّد حسن نصر الله الالتزام بها في قيادة الحرب على حافة الحرب الشاملة. من المرغوب فيه تحليل الشكل الخاص الذي يجعل أمين عام حزب الله تهديداً خطيراً بهذا القدر على وجود الكيان . فهو خطير ليس فقط بحكم قواته العسكرية، مع عدد من الصواريخ بعيدة المدى الذي لا تملكها إلا للقوى العظمى، بل وخطير أساساً بذكاء سلوكه الاستراتيجي.
من الأيام الأولى بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في أيار 2000، تبنّ حزب الله هوية استراتيجية جديدة ملتزمة بنفوذ إقليمي وليس بوحدة لبنان فقط. هكذا استغل السيّد حسن نصر الله الخلاف على ترسيم الحدود في مزارع شبعا كذريعة لاستئناف القتال ضد إسرائيل على أساس الميل “العادل” لتحرير الوطن. إضافة إلى ذلك، أوضح بأن الناس في مزارع شبعا يقاتلون على بوابات القدس.
منذئذ، حقق بثبات واجبه للتدخل في جولات القتال مع الفلسطينيين مثلما تدخل في الهجوم على استحكامات الحدود اللبنانية في عهد حملة “السور الواقي” في نيسان 2002.
في الحرب التي نشبت في 7 أكتوبر بمبادرة حماس التي ربما نشبت دون تنسيق مسبق معه – نجح السيّد نصر الله، بتوجيه من إيران، في استغلال الوضع الجديد جيداً للدفع قدماً بخطوة أخرى في تكوين هويته كمركز قوة ذي نفوذ إقليمي. في استغلال المصلحة الأمريكية للامتناع عن فقدان السيطرة لدرجة حرب إقليمية، وجه الخطى لبلورة معادلة القتال المحدود التي لا تعرض لبنان كله لتهديد الحرب. هكذا نجح في تحويل منطقة الشمال إلى ساحة قتال فاعلة، وبلدات خط المواجهة إلى بلدات مهجورة في ظل اقتلاع نحو 70 ألف إسرائيلي من بيوتهم.
وإلى ذلك، وفي استغلال المفتاح الذي يملكه لإعادة الهدوء إلى الساحة الشمالية، طرح على الوسطاء في الجهد السياسي الأمريكي والفرنسي مطالب إقليمية غير مسبوقة من إسرائيل. فضلاً عن الخلاف المعروف على مزارع شبعا وقرية الغجر والذي هو نتيجة حرب 1967، فقد طرح أيضاً خلافاً على نحو عشرة مناطق في حدود هدنة إسرائيل ضمن ما تقرر في نهاية حرب الاستقلال.
كما أن الاقتراح الفرنسي لتجريد مقدمة الحدود مغلف بإعلان عن مفاوضات لتعديلات الحدود التي طالب بها السيّد نصر الله. هذا فن ابتزاز رفعه إلى مستوى متطور. في كل سبيل، حتى لو تفضل إلى نوع من التسوية السياسية وحتى لو لم يلتق تنازلات إسرائيلية في مسألة الأراضي موضع الخلاف، فإنه برفعها إلى الوعي الدولي يكون قد حدد ذريعة لاستئناف القتال في التوقيت التالي الذي يناسبه.
في الوضع العام الذي تشكل منذ بداية الحرب، يتصرف بميل استغلال الفرصة لتصميم درجة جديدة في هوية حزب الله كقوة إقليمية، وطليعة رائدة في الحرب الإيرانية للهيمنة الإقليمية ولتصفية الكيان . حالياً، لا يمكن معرفة كيف ستنتهي الحرب في الشمال، وصعب تقدير مدى الضرر اللاحق بقدرة أداء المنظمة إذا ما هاجمها الجيش الإسرائيلي. في كل حال، ينبغي الافتراض أن بإمكانه مواصلة التهديد بسلاح حديث حتى إذا ما أبعد إلى شمال بيروت. ووفقاً لهذه الفرضية، ينبغي فحص مفهوم الأمن الإسرائيلي المحدث.
مترجم عن : اسرائيل اليوم