قراءة في المرحلة القادمة.. فشلٌ تراكمي للعدو ورد حتميّ للمحور

زهراء حسن قصير

خاص الليطاني نيوز

وُضع نتنياهو, بعد السابع من أكتوبر, أمام تحديّات عديدة, ظهرت واضحة في الأشهر العشرة التي مضت. أولها الفشل التراكمي في الردع على الجبهات المختلفة وبأكثر من اتجاه, وآخرها مسيّرة يافا وتهديد تل أبيب, والخرق الاستخباراتي وما كشفته مشاهد “هدهد”. مضاف إليها مجموعة الضغوط الأميركيّة والدوليّة والداخلية على نتنياهو من صفقة التبادل إلى اليوم التالي للحرب وعودة المستوطنين وتحسين حياتهم وخاصة سكان الشمال, وهذا هدف أساسيّ بالنسبة للكيان خاصة مع تبعات الحرب الاقتصادية والنفسية.

 

هذه التحديّات جعلت نتنياهو يبتدع الحلول للنزول عن الشجرة, فانتهج منهج أسلافه في اغتيال “الأعداء”, فهو يعاني من محدودية فعالية الإنجاز, حتى اليوم, على كافّة المستويات وخاصة في استعادة الردع أو ترميمه, بل جاءت النتائج عسكيّة حيث العامل الزمني في استمرار الحرب أدّى إلى المزيد من الخسائر. وساعده في انتهاج ذلك تحرّره من الضغوط الأميركيّة بعد انسحاب بايدن وموقف كاميلا هاريس الداعم لحماية الكيان, ما انتج هامش تحرّك اوسع لنتنياهو يستطيع, عن سوء تقدير, أن يستهدف جبهات المحور بضربات نوعية.

 

وبات واضحاً أن حادثة مجدل شمس ما هي إلاّ الحِجّة الواهية التي تحجّج بها نتنياهو ليُقدِم على ضربة الضاحية, سواءً تمّت عن قصد أو تمّ استغلالها. جاء الإعتداء الإسرائيلي ليكسر خطوطاً حمراء وضعتها المقاومة, وكسر القواعد القائمة من حيث المستوى القياديّ للشخصيّة المستهدَفة, ومكان الإعتداء (الضاحية تحديداً), واستهداف المدنيين, وهذا فنّده الأمين العام في كلمته اليوم. ويحاول الكيان بهذا الاستهداف مضاف إليه اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور اسماعيل هنية أن يعالج مشكلته الاستراتيجية المعقّدة بحلول تكتيكيّة ذات قيمةٍ إعلاميّةٍ ومعنويّة, والخروج بصورة نصرٍ إعلاميّة, وهذا ما يؤكده خروج الإحتلال اليوم, وبعد أسبوعين من الاستهداف, للقول أنّه قتل القائد العسكري لكتائب القسام محمد الضيف وهذا ما نفته المقاومة.

 

واليوم, بعد هذا التصعيد, فإن نتنياهو وفريقه ومن ورائه الأميركي قد وقعوا في سوء تقدير, كما حصل في استهداف القنصلية الإيرانيّة في سوريا, ورفعوا من درجة المخاطر, فمشكلة الشمال لن تُحلّ, ورد المقاومة حتمي كما أعلن الأمين العام, ومشكلة استعادة الردع ستزداد عمقاً بعد ما تراكمت الردود المنتَظرة من المحور (حزب الله, أنصار الله, الحرس الثوري, والحشد الشعبي العراقي), وغيرها من التحديات التي ستبقى عالقة وترتفع خطورتها في مسار التهديد.

 

هذا المسار الجديد الذي انتهجه نتنياهو, في وجهة الحرب وسقف المواجهة وشكلها ونطاق جغرافيّتها وأماكنها وطبيعة الأهداف فيها ونوع الأسلحة, مؤشّرٌ على حجم المعركة القادمة ومدى جدّيّة وخطورة المرحلة. فقد فتح المسار الجديد باباً لتغيير ثقل المعادلة وأعطى دفعاً لتغيير الموازين. فلن تقبل جبهات المحور بتثبيت معادلات ردع جديدة بل ستستفيد من تراكم الفشل لدى الكيان ومن أزماته الاستراتيجيّة باختيار نوع الرد على الإعتداء والضغط على الكيان وتحقيق الأهداف من الحرب, وربّما قد تعطي الاغتيالات للمحور فرصة الاستمرار في المسار التصاعدي في المواجهة, وقفزة نوعيّة في شكلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى