النظام السياسي الجديد مؤجل.. هل يفرضه الانهيار؟


لا يزال الحديث عن تغيير النظام السياسي اللبناني بعيدا عن الواقعية السياسية او اقله صعب التحقيق في المدى القريب، بالرغم من كل التبدلات التي حصلت في المشهد العام، وبالرغم من الانهيار الكبير الذي يضرب الاقتصاد اللبناني والواقع النقدي والذي دخل مرحلة خطيرة تطال المؤسسات الدستورية ما يزيد مخاطر التحلل الكامل في بنية الدولة.
لكن الازمة الاقتصادية الحالية ،مع ما تشهده من انهيارات متسارعة وقياسية، تترافق مع ازمات سياسية مرتبطة بشكل التوازنات وتكوينها، وكيفية صنع القرار في لبنان، وتصل الى السياسة الخارجية، وما بين هذه العناوين من خلافات تكتية واستراتيجية، الامر الذي يعيد فتح النقاش حيال كيفية معالجة الازمة السياسية قبل اي حل انقاذي.

قبل سنوات طويلة سحب حزب الله بند المؤتمر التأسيسي من التداول بعد ان طرحه امينه العام السيد حسن نصرالله وذلك بسبب الخلاف الكبير الذي خلقه، على اعتبار ان اي تغيير دستوري سيعني اعادة تشكيل ادوار ومواقع الطوائف في لبنان في النظام الحالي الذي ولد بعد سنوات الحرب الاهلية، ولا يمكن استبداله بهذه البساطة.

العبث بالتوازنات سيكون احد عوامل التوتير السياسي في لبنان، وهذا ما يتجنبه حزب الله خصوصا ان التعديلات التي طرأت على النظام السياسي حصلت في الدوحة بعد السابع من ايار، لذلك فإن الذهاب باتجاه تغييرات جوهرية لن يكون  ضمن المسار الهادئ بل على العكس تماما سيتطلب الكثير من الصراعات الداخلية.

يسعى خصوم حزب الله بشكل شبه علني الى انهاء مرحلة الدوحة والعودة الى ما قبل تلك المرحلة من خلال تضييق هوامش حزب الله داخل السلطة السياسية، وهذا الامر فشل في مرحلته الاولى بعد نجاح الحزب بأن يستمر ممثلا في الحكومات بعد ١٧ تشرين عام ٢٠١٩.

هذه المساعي العنلية يقابلها الحزب بالتمسك بالوضع القائم من دون الدفع باتجاه تغييرات جذرية، خصوصا ان هذه التغييرات قد لا تمر من دون المس بالسلم الاهلي الذي لا يزال الحزب يعتبره خطا احمر، علما ان التبدلات الدستورية قد تفرض نفسها في حال عدم تمكن السلطة السياسية من الحفاظ على المستوى الحالي من الانهيار واتجاه الامور نحو  التعطل الكامل لمؤسسات الدولة وخدماتها.

عندها سيكون الانهيار هو مدخل الزامي لتغيير النظام واعادة رسم المشهد السياسي بشكل جديد وكامل من دون ارادة واضحة من القوى السياسي والاقليمية التي ستفقد بمعظمها قدرتها على الضبط والادارة، من هنا يأتي الاهتمام الغربي والسعي للقيام بمعالجات موضعية عند اي خلل جدي في بنى مؤسسات الدولة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى