الامام موسى الصدر وذكريات خاصة


قاسم قصير
عندما بدأ الإمام موسى الصدر تحركه في لبنان في أوائل الستينيات والسبعينيات كنت صغيراً ولم يتسنَّ لي الإنخراط والمشاركة في نشاطاته أو الإستماع مباشرة لمحاضراته ولكنني في اوائل السبعينيات بدأت أستمع لدروسه الرمضانية وخصوصا تفسير السور القصيرة من القرآن الكريم عبر إذاعة لبنان وقت السحر وذلك ضمن برنامج خاص كان يعده ويشرف عليه السيد شفيق الموسوي حفظه الله وأول نشاط فكري وسياسي هام تابعته عبر الصحف كانت محاضرة الإمام موسى الصدر في كنيسة الكبوشية وعندما نشرت جريدة النهار صورة الإمام داخل الكنيسة واثارت يوم ذاك ضجة كبيرة ومن ثم كنت أتابع دوره دفاعا عن قرى الجنوب وحضر الشيخ محمد يعقوب ممثلاً عنه الى ثانوية طريق الجديدة لإلقاء محاضرة حول نصرة الجنوب .
وخلال الحرب الأهلية كنت أتابع مواقفه المعارضة للحرب وشاهدت اعتصامه في مسجد العاملية من خارج المسجد لأنني لم أتجرأ على الدخول الى المسجد حيث كنت صغيرا وكان المسجد يعج بالشخصيات الدينية والسياسية.
وعندما توقفت أول جولة من الحرب ودعا الإمام الى مسيرة سلمية من الشياح الى عين الرمانة شاركت في المسيرة ولكنني أضعتها لاحقا ودخلت الى شوارع عين الرمانة واوقفني مقاتلو حزب الوطنيين الأحرار وكادوا يخطفونني لأن شكلي كان أقرب للفلسطينيين وكنت شديد السمرة لكن بطاقة المدرسة انقذتني وطلبوا مني المغادرة وعدم العودة .
ولاحقا كنت أتابع الحملة التي تعرض لها الإمام من قبل بعض الأحزاب اليسارية والقوى الفلسطينية لأنه كان يرفض الصراع مع سوريا ويدعو لوقف الحرب ويرفض الدعوة لعزل حزب الكتائب.
كما شنت الأحزاب اليسارية حملة قاسية على الإمام لأنه سعى لإنقاذ النبعة من الحرب ولكن للأسف لم تحترم التعهدات له من قبل حزب الكتائب وتعرضت النبعة للتهجير وقتل أبنائها .
كما كنت أتابع مواقف الإمام الداعمة للقضية الفلسطينية وخطابه الشهير في قصر الأونيسكو والذي خاطب فيه أبا عمار قائلا : إن شرف القدس يأبى أن يتحرر إلا على أيدي المؤمنين .
وكنت أتابع بعض الأخبار عن الحملة ضده من قبل الإقطاع السياسي ومن قبل الأحزاب اليسارية ولكنني لم أدرك حجم ما جرى إلا لاحقا.
وآخر مرة استمعت فيها للإمام موسى الصدر مباشرة كانت في خطبة الجمعة قبل سفره واختطافه وذلك في مسجد العاملية حيث كنت أحضر الصلاة ولا زلت أذكر دعاءه بعد الصلاة وبلكنته الخاصة : أمن يجيب المضطر اذا دعا .
وبعدها وكنت بدأت أتردد على الإتحاد اللبناني للطلبة المسلمين سمعت عن خطف الإمام موسى الصدر في شهر آب من العام 1978وشاركنا في النشاطات الداعية لكشف مصيره وأصدرنا عدداً خاصاً من نشرة البيان الطلابية حول الإمام.
كما ألقى علينا الشهيد الحاج حسن شري رحمه الله محاضرة خاصة لاحقاً عن رؤية الإمام موسى الصدر حول أهمية العلاقة الاستراتيجية مع سوريا وهذه المحاضرة كانت مهمة من أجل فهم رؤية الامام.
ومن ثم مع بداية تحركات الثورة الإسلامية في ايران بدأت أسمع عن دور الإمام ودور الشهيد مصطفى شمران وعلاقة الامام بقيادات الثورة ولكن كانت هناك وجهتا نظر داخل البيئة الاسلامية وجهة تدافع عن دور الإمام موسى الصدر وعلاقته القوية بإيران ودوره النضالي ووجهة تشكك بذلك وبعد انتصار الثورة الإسلامية ورغم مسؤولية النظام الليبي عن الخطف فقد حرصت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على عدم قطع العلاقات مع ليبيا لأنه كانت هناك ضرورات استراتيجية وهذا الأمر أثار اللغط بين مؤيدي الإمام وبعض قيادات الثورة .
رغم أن حركة أمل والمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى شكلوا وفوداً لدعم الثورة وشارك مقاتلون من الحركة في الحرب دفاعا عن ايران .
وفي الفترات اللاحقة ورغم الخلافات التي نشأت بين بعض الأوساط الإسلامية وقيادة الحركة حول لجنة الإنقاذ التي شكلها الرئيس الياس سركيس بعد الإحتلال الإسرائيلي للبنان وما نتج عن ذلك من خلافات وانشقاقات فانه لا بد من التاكيد على الدور الكبير الذي قامت به الحركة الى جانب بقية القوى الوطنية في في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وكان لمواقف الامام موسى الصدر ودوره التأسيسي للمقاومة أثراً مهماً في ذلك وخصوصا من قبل عناصر وكوادر حركة امل الذين تربوا على يدي الشهيد مصطفى شمران في مهنية جبل عامل في برج الشمالي ومنهم كان الشهيد الاستشهادي حسن قصير وغيرهم من قادة وكوادر الحركة.
واما المشروع السياسي الذي طرحه الامام موسى الصدر لإصلاح النظام اللبناني وخصوصاً عند إطلاق حركة المحرومين والنداء الذي وقعه عشرات المفكرين والشخصيات اللبنانبة وكذلك عبر المشروع الإصلاحي الذي تبناه المجلس الاسلامي الشبعي الأعلى فكل ذلك يؤكد صوابية طرح الإمام ورؤيته .
وخلال السنوات الخمس و الاربعين الماضية ومن خلال القراءات والمؤتمرات والمحاضرات والكتب والدراسات اكتشفنا قيمة الإمام ودوره ورؤيته الاستشرافية وعلى أمل الاستفادة من ذلك لمواجهة نحديات الحاضر والمستقبل.
وهناك مواضيع كثيرة تحتاج للقراءة حول دور الامام وفكره عن لبنان والحوار الاسلامي الاسلامي والإسلامي المسيحي ودور الدين في المجتمع وغير ذلك من الافكار واساليب العمل .
على امل ان يكشف مصير الامام قريبا وتعلن كل الحقائق حول خطفه وتغييبه وهو حاضر اليوم اكثر من اي وقت مضى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى