تصدّع “الاسلاموفوبيا” ….القرآن الكريم الأعلى مبيعاً في أميركا بعد طوفان الاقصى…. أميركيون يعتنقون الإسلام ويقرأون القرآن
زهراء قصير / ليطاني نيوز
تجذرت “معاداة الإسلام” في الغرب ومناهجه التعليمية، لم يكن سببها معلناً فتلطّى في أسباب أخرى مصطنعة، إذ أن الطموحات الاستعمارية لأميركا والغرب وجدت في الإسلام حجرة عثرة أمام تحقيقها، فانتجت سياسات تشويه الإسلام، ووسمه، والمسلمين، بالإرهاب والإرهابيين. وما حروبه ومجازره في غرب آسيا إلا جزءاً من هذه السياسات.
بعد هجوم 11 سبتمبر/ أيلول 2001 انتشر مصطلح “الاسلاموفوبيا”، وهو رهاب الإسلام، الذي قادت اميركا وحلفائها في الغرب عمليات تجذره في عقول ونفوس الشعوب الأميركية والغربية، وأصبح المسلم يُعرف من شكله المخيف، والإرهاب مقروناً بالتكبير. وعلى مدى عقود صاغت سياسات وقوانين لهذا الغرض، وأشعلت حروباً كحربها في العراق وأفغانستان.
سارعت وسائل اعلام عبرية وأخرى دولية بعد عملية طوفان الأقصى لتشبيه “هجمات حماس” على غلاف غزة بهجمات 11 أيلول في أميركا، وبغض النظر عن الهدف التي رمت إليه هذه الوسائل من التشبيه، إلى أن مقارنة أخرى تستحق الوقوف عندها؛ وهي أن الأميركيين بعد هجمات أيلول سارعوا إلى شراء كتاب القرآن الكريم “لتأكيد تحيّزاتهم حول كون الإسلام ديناً عنيفاً بطبيعته”.¹
أمّا بعد 7 أكتوبر 2023 أصبح القرآن الكريم الأعلى مبيعاً في أميركا، ولكن “ليس لفهم هجوم 7اكتوبر الذي شنته حماس، إنّهم (الأميركيون) يلجأون إلى القرآن لفهم المرونة والإيمان والقوة ²الأخلاقية والشخصية التي يرونها في الفلسطينيين المسلمين”. فكيف لنفس بشرية أن تخسر كل شيء في لحظة واحدة ثم لا تجد على لسانها إلا الشكر لله والحمد. وكيف لمن فقد كل أولاده أن يقبّلهم قبلة الوداع ويضعهم في كيس بلاستيكي مردداً” بعوّض الله”.
هذا ما دفع روّاد مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة TikTok
أن يطرحوا تساؤلات حول سبب هذا الصمود والإيمان والدافع وراء الاطمئنان والسكينة ومعتقدات هذه الشخصية الايمانية وثقتها بالنصر، وفي هذا الإطار رصد موقع فوكس نيوز الأميركي اندفاعاً متزايداً إلى اعتناق الدين الإسلامي، منتقداً هذا الاندفاع قي تقرير جاء فيه: “هناك عدد متزايد من النساء الغربيات ّ ازدياد الاندفاع إلى الدين الإسلامي في تقرير ينتقد هذا التوجه، وجاء فيه: “هناك عدد متزايد من النساء الغربيات الشابات التقدّميات يتحولن إلى الإسلام، مشيرين إلى الحرب بين إسرائيل وحماس كدافع للتحول – ويقمن بتوثيق رحلتهن على وسائل التواصل الاجتماعي”.
الاندفاع بدأ من باب الفضول للتعرف إلى أسباب صمود الفلسطينيين في وجه كل هذا القتل، فكانت الانطلاقة من الناشطة الأميركية ميغان رايس في 20 اكتوبر عندما اطلقت حملة ” قراءة القرآن” للتعرف إلى منبع إيمان الفلسطينيين، سرعان ما تحولت هذه الحملة إلى نادي افتراضي (Quranbookclub) يضم 13000 عضو تجري فيه قراءات للقرآن. وحصلت مقاطع فيديو تحت هاشتاغ #quranbookclub
على 1.9 مليون مشاهدة على تطبيق TikTok.
فيما ظهر آخرون خلال عملية طوفان الأقصى يحملون القرآن ويقرأون آياته ويشرحونها.
ميغان، التي ظهرت بالحجاب لأول مرة في 10 نوفمبر/تشرين الثاني وبعدها نطقت الشهادتين، قالت: “يبدو أن الفلسطينيين لديهم هذا الإيمان القوي حتى في مواجهة خسارة كل شيء حرفيًا”، فيما أعلنت في مقابلة لها السبب الكامن وراء قراءتها للقرآن، “أردت أن أتحدث عن إيمان الشعب الفلسطيني، وكيف أنه قوي جدًا، وما زالوا يجدون مجالًا لجعله يشكر الله أولوية، حتى عندما يتم أخذ كل شيء منهم”. وعن سبب اعتناقها للإسلام تقول أنّها وجدت فيه ما يتماشى مع معتقداتها “المناهضة للاستهلاك، والمناهضة للقمع، والنسوية”.
وانتقدت رايس الصورة النمطية التي انتشرت في أميركا عن الإسلام والمسلمين بعدما روّج لها الاعلام الأميركي، وقالت: “باعتباري امرأة سوداء، اعتدت على قيام الحكومة الأمريكية بنشر الصور النمطية الضارة التي تؤدي إلى مفاهيم خاطئة لدى أشخاص خارج مجتمعي عني”. وأضافت “لم أصدق مطلقًا الصور النمطية التي انتشرت حول المجتمع المسلم بعد أحداث 11 سبتمبر، ولكنني لم أدرك أنني استوعبت نوعًا ما تلك المفاهيم الخاطئة إلا بعد أن بدأت قراءة القرآن، لأنني كنت أعتقد أن الإسلام كان دينًا حقيقيًا. دين شديد أو صارم”.³
وآخرون عبّروا عن شعورهم بالسلام أثناء قراءة او استماع القرآن، تقول الناشطة الأميركية نفرتاري مون (35 عاماً)
أنها قرأت القرآن متأثرة بشجاعة الفلسطينيين ما جعلها في البداية تشعر بالروحانية، ثم ما لبثت أن اعتنقت الإسلام، “لا أستطيع أن أشرح ذلك، ولكن هناك سلام يأتي مع قراءة القرآن، أشعر بالخفة، وكأنني عدت إلى شيء كان موجودًا دائمًا وينتظر عودتي”.⁴
لم تشكل قراءة القرآن تحولاً في حياة المسيحيين فقط، بل تعداه إلى حياة أشخاص ملحدين، لا يؤمنون بوجود الله تعالى، فضلاً عن كتابه، وعلى تيك توك قال شاب يدعى allanmount في مقطع فيديو، أنه لم يكن مؤمناً بالله، ولكن بعد أن قرأ القرآن وكان في السورة السادسة منه، أي سورة الأنعام، وقرأ الآية التالية: “وما تأتيهم من آيةٍ من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين”، بدأ يتفكّر، وهنا يذكر أنه كان يبحث لمدة عامين منذ أن فقد إيمانه بوجود الله، ويقرأ في سورة الأنعام عن الناس الذين كانت تأتي إشارة لهم من ربهم، ثم بعد ذلك يعرضون عن ذلك، ويرفضون الحقيقة التي جاءت إليهم، وبعد فترة يدركون نتيجة السخرية التي قاموا بها. ويقول إن الله يعرف من أنا بالضبط، يعرف ما هي نواياي، وأيضًا هو يعرف جيدًا كيف يجعلني أؤمن به بصدق، ويضيف، دعوني أقول لكم، “هذه نيتي الوحيدة مع كل جهودي الروحية أو الدينية أنني ولأول مرة أجد
الحقيقة، وأتبعها”.5
ترافقت هذه الحملة مع وصف “العودة إلى الإسلام” Reverting to Islam، أي أن هؤلاء الذين اعتنقوا الاسلام حديثاً يجدون في الإسلام ديناً عالمياً فطرياً يُولد به الإنسان،واعتبروا أن اعتناقهم الإسلام حالياً هو عودة إليه وليس دخولاً جديداً. وبعض هؤلاء، ونتيجةً للتفكّر بآيات القرآن الكريم، أصبحوا يتحدثون عن وجود الله والنعم العظيمة التي وهبها للإنسان، وأطلقوا على كتاب الله وصف “مرآة للإنسان”، أي أنّه يجب أن يكون المرء كما وصف القرآن الصالحون بآياته.
¹:The guardian, Young Americans are picking up the Qur’an ‘to understand the resilience of Muslim Palestinians’, 20 Nov 2023.
²:The guardian, Young Americans are picking up the Qur’an ‘to understand the resilience of Muslim Palestinians’, 20 Nov 2023.
³: https://www.tiktok.com/@megan_b_rice/video/7301910410167422239
⁴: https://www.tiktok.com/@nefertarimoonn/video/7296959419823295774?is_f
5: https://www.tiktok.com/@allanmount/video/7302537999739325726?is_from_webapp=1&sender_device=pc
6:
تم الاستفادة من دراسة “هداية الدم، اميركيون يقرأون القرآن خلال طوفان الأقصى”، الصادرة عن مركز الإتحاد للابحاث والتطوير