جديد نصرالله المطالبة بحكومة وجنبلاط يثير لغطاً
ساد الجمود التام مجمل زوايا المشهد الداخلي امس ليس فقط بسبب عطلة عاشوراء وانما أيضا في ظل التخبط السياسي عموما في واقع مفكك زاده ارتباكا التسليم الواضح بطي إمكانات تاليف حكومة جديدة فيما لا تبدو لوحة الاستعدادات للاستحقاق الرئاسي مبشرة باي وضوح قبل حلول المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد في بداية شهر أيلول . وبدا لافتا في هذا السياق ان الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله اطلق في خطبته العاشورائية امس دعوة الى تاليف حكومة جديدة كاملة الصلاحيات على خلفية احتمال انتخاب رئيس كما احتمال حصول فراغ رئاسي كما لو ان نصرالله تعمد الإيحاء بانه من غير الوارد بعد ان يحدد حزبه أي موقف واضح وعلني من الاستحقاق الرئاسي . والواقع ان خطاب نصرالله لم يحمل جديدا مفاجئا اذ كرر موقفه من مسالة الترسيم البحري واطلاق التهديدات نفسها في اتجاه إسرائيل في وقت كان يؤكد مجددا انه ينتظر الأجوبة التي ستبلغ الى الدولة اللبنانية من جانب الوسيط الأميركي في ملف المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين من دون ان يسميه طبعا. واتسمت المعطيات عن وجود هوكشتاين في إسرائيل منذ أيام بغموض اذ لم تتضح بعد أي معلومات تفصيلية عن المحادثات المفترضة التي اجراها في إسرائيل كما لم يعرف ما اذا كان سيزور بيروت مباشرة بعد إسرائيل ام سيعود الى الولايات المتحدة .
وفي انتظار اتضاح المعطيات المتصلة بمهمة هوكشتاين قال نصرالله امس ان “اليد التي ستمتدّ على نفط لبنان أو غازه ستُقطع ولا يُجرّبنا أحد، فنحن وصلنا إلى آخر الطريق ولن نتراجع وعلينا أن نكون جاهزين لكلّ الاحتمالات”، موجهاً رسالة إلى “الصديق والعدو” مفادها أن “لبنان لن يقبل أن تُمسّ ثرواته أو يُلحق الأذى بأيّ إنسان على أرضه دون أن يردّ الصفعة للجهة التي تجرأت على ذلك”. وأشار في كلمة خلال إحياء مراسم عاشوراء إلى أن “لبنان وشعبه لا يمكن بعد اليوم أن يتسامح بنهب ثرواته ونحن في هذه المعركة جادون إلى أبعد درجات الجدية”، لافتاً إلى أننا “نواجه منذ سنوات حصاراً لكن هذا لن يقضّ من عزيمتنا شيئاً ونتطلّع لمستقبل واعد للبنان”.
وأضاف في رسالة إلى إسرائيل: “لا تُخطئوا في أيّ اعتداء على لبنان أو ثرواته، لأن أيّ اعتداء على أيّ إنسان في لبنان لن يمرّ ولن نسكت عنه”، وقال: “سمعنا في الفترة الأخيرة تهديدات كثيرة بإغتيال كيانات وشخصيات تابعة للجهاد الفلسطينيّ، ومن على هذا المنبر أقول لهم في رسالة واضحة ومباشرة، لا تجرّبونا، فنحن وصلنا إلى آخر الطريق ولا نخاف منكم ولن نسمح بالمسّ بسيادة لبنان أو بأيّ جهة متواجدة على أرضه وسندافع عن ذلك حتّى النهاية”.
وتابع: “نتطلع إلى مستقبل واعد للبنان بمسلميه ومسيحييه ولبنان القوي والحر والقادر على حماية سيادته وكرامته واستخراج ثرواته النفطية واليد التي ستمتد إلى أي ثروة من ثروات لبنان ستُقطع كما قطعت عندما امتدت إلى أرضه”.
كما أوضح أن “حزب الله” ينتظر “الأجوبة على مطالب الدولة اللبنانية حالياً ليُبنى على الشيء مقتضاه”، مؤكّداً “يجب أن نكون جاهزين لكلّ الاحتمالات، وندعو إلى التعاون السياسيّ لتجاوز الصعوبات الحالية وإلى تشكيل حكومة قويّة كاملة الصلاحيات لتتحمل المسؤوليات إذا لم يتم الاستحقاق الرئاسي أو إذا تم أقلّه لسدّ الفراغ الرئاسي الذي يتخوّف منه البعض خلال المرحلة المقبلة”.
اما على الصعيد السياسي الداخلي فبدا ان الحديث الذي ادلى به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ليل الاثنين الى محطة اردنية ترك تفسيرات عدة اثارتها مواقفه المرنة ورسائل التقارب تجاه “حزب الله” في مقابل مواقف متمايزة بل ومنتقدة مرات للافرقاء في المعسكر المناهض ل”حزب الله” الامر الذي اشاع انطباعات عن عملية إعادة تموضع جديدة يقوم بها جنبلاط الذي اكد انه سيلتقي مسؤولين في “حزب الله” قريبا . ولعل اكثر ما اثار التساؤلات حول هذا الحديث الذي عده كثيرون بمثابة انعطافة لها دلالات قد تتمدد حتى الاستحقاق الرئاسي ان جنبلاط اتخذ موقفا حادا من مسالة المناداة بحياد لبنان الامر الذي شكل عمليا موقفا سلبيا من البطريرك الماروني وجاء ليكمل موقف جنبلاط قبل ذلك من موضوع المطران موسى الحاج . وبازاء هذه الغيوم الجديدة التي لبدت الأفق السياسي بادر أمين سر كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب هادي أبو الحسن الى محاولة تبديد بعض الأجواء المشدودة فاكد أن “موقف الحزب التقدمي ثابت، وليس صحيحا أنه يتحول من المتجمد الشمالي إلى المتجمد الجنوبي، فنحن على خط الاستواء وموقفنا واضح من الثوابت التي لا تتغير في موضوع السيادة وعروبة لبنان والقضية الفلسطينية”. وقال: “في الجبل خصوصية نتيجة الظروف التي أحاطت به، وبالأمس رئيس الحزب وليد جنبلاط تحدث عن الاتفاق على العناوين الأساسية مع القوات اللبنانية و14 آذار، مع التمايز في أمور أخرى”. وسأل”هل يستطيع أحد القول إن جنبلاط أو الحزب تخلى عن ثوابته وعن القضية الفلسطينية ومبادئه؟ هل غيرنا وجهة نظرنا حول الصراع العربي الإسرائيلي، وهل تنازلنا عن سيادة لبنان؟ نؤكد ثباتنا على الموقف”.
أضاف: “هناك تغيرات كبرى تجري، وهناك تفاوض ايراني – اميركي شارف على نهايته ولا نهدف إلى أن نكون بيضة قبان وسنكون كتلة وازنة. لننسق بالحد الأدنى من أجل مصلحة لبنان، وبكل وضوح وصراحة ليس لدى جنبلاط أو اللقاء الديموقراطي مرشح لرئاسة الجهمورية، بل المهم هو البرنامج بدءا من الملفات الاصلاحية في الكهرباء والتهريب وموضوع استيعاب السلاح في الاستراتيجية الدفاعية، وهذا ما عبر عنه وليد جنبلاط أمس، ومن يتبنى برنامج يقنعنا فأهلا وسهلا به”.
المصدر : النهار