ملهاتنا الديمقراطية….بقلم الأستاذ شوقي متيرك


ملهاتنا الديمقراطية…
لكأنّ الديمقراطية في حرْثنا العربي تشبه الملهاة الاجتماعية بكافةاقانيمها واشكالها المختلفة، وكأن الحياة المسماة اصطلاحا ديمقراطية تكاد تجثو على رخام العلاقات السياسيةالزائفة بين طغمة من حكام ومستوزرين واشباه نواب اعتلوا اكتاف هذا الشعب المنهك بشعارات تغييرية فارغة من اي معنى او مضمون .. ويكاد المشهد السياسي اللبناني في يومنا هذا ينحو نحو المهلكة الجماعية ، ففي الحروب العقيمةحيث لا يدرك الطرفان معنى الانتصار ولا يرتضيان بهزيمة منكرة ، يمارسان فعل الإنكار والتبخيس الجمعي dénigrement collectif ، فلا يستوي الطرفان بمحدوديتهما على وسطية يمكن ان تسوّي وضعهماالاقتتالي، ولا يستسيغان مقاربة الواقع بحكمةرشيدة او تعقل ناضج، او سلوك عاقل، بل ينحوان نحو ممارسة العدمية والعبثية السلوكية بلحاظ ما يسمى التدمير الذاتي auto-déstruction،على مستوى الفعل ورد الفعل، فلا مندوحة من إضعاف بعضهما البعض، عبر آليات دستورية وقانونية واجتماعية واقتصادية كي يبرران لنفسهما الحق بالغلبة والفوز والانتصار ….
هذا بايجاز بسيط ما تعيشه القوى والاحزاب السياسية في لبناننا المكلوم، صَمَمٌ في ادراك لغة الحوار وبُكْمٌ في انتاج لغةجديدة مبتكرة قوامها الحيّز المشترك اي الصالح العام، ومبدأ استمرارية الكيان، فلا تجدنّ بينهم عاقل يستحكم بتلابيب الحكمة، والتبصر والإدراك ، يحاول تأويل الخطاب المستخدم بفقه الاولويات والضرورات ضمن المشترك العام، ولا تسمع بالمقابل فريقا يألو على نفسه ان يجتهد في انتاج وعي وطني عابر للتغوّل الطائفي المقيت، نحو الإستعصام بصدق الموقف وعلانية النية، وحوارية الاجتهاد ، بديلا عن ابهام منكر، او نية متلونة، او لنقل خبث الدهماء….
ان تكتب في عللهم وعلاتهم ، وسرائرهم، ومكبوتاتهم ، ومكنوناتهم المريضة،وفيض نزقهم وجهلهم المعلوم بقواعد الدستور وفضائل القانون، هو فعل شاق وحبس للذات في موضع كريه ممقوت، فلا يمكن ان يصل بحثك عنهم الى دالات معرفية او نتائج مثمرة ، فضلا عن مبادئ تقدمية، بل كل ما يمكن ان تصل اليه من استنتاجات ،هو انك ستبقى تدور في حلقة مفرغة من اللاتوازن العقلي والروحي،
تشعر بحاجتك الى افراغ ما في جوفك من آلام واحزان واهوال شديدة من جراء هذا التقيؤ النفسي العدمي الذي هو بطبيعة الامر وليد هذا الفجور السياسي الأرعن….
هذا ببساطة ما يراه الباحث الرصين وهو يجلي بصره في كينونة هذه الطبقة السياسية اللئيمة، وفي تخاذلها الوطني، وعدميتها في محاربة الفساد، وتواطؤها الثابت في قتل احلام هذا الشعب البائس، من اجل اكتناز ما تم سرقته منذ ثلاثة عقود ونيّف ، دون وجَل او خوف من شعب غاف يفقه فقط لغة غنمية رديئة تمجّد الزعيم الاله وتثبّط الهمم، او شعورا متأخرا بالذنب من ضمير ميت ارتضى الهوان والذلّة……….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى