ضربة استباقيّة على أهداف فارغة بـ 120 مليون دولار: عمليةّ “الأربعين” تثبت الفشل الاستخباراتي للعدو
تقرير الزميلة بتول حمود / ليطاني نيوز
بينما كانت إسرائيل ومعها الأسطول الأميركيّ كلّه، والدفاع الجوي العربي، بحالة استنفارٍ أمنيّ وعسكريّ واستخباراتي عالٍ، بانتظار ردّ محور المقاومة على اغتيال القائد الجهادي الكبير في حزب الله السيد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبيّة لبيروت ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وفيما كانت التوقعات في الكيان تتضارب حول ما اذا كان الرّد مشتركًا من المحور أو كلّ على حدة، جاءها “الرّد الحتميّ” الّذي كان قد توعدّ به سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في تشييع الشّهيد القائد.
وفي تمام الساعة الخامسة والرّبع من فجر يوم الأحد 25/8/2024, وتزامنًا مع ذكرى أربعين الإمام الحسين عليه السلام، انطلقت عمليّة “الأربعين”، دوّت صفّارات الإنذار دون توقّف على وقع الصّليات الصاروخيّة المباركة الّتي انطلقت من الجنوب اللبنانيّ لتشمل مستوطنات الجليل والجولان السوريّ المحتلّ وصولًا إلى نهاريا وعكا وخليج حيفا.
رفع الإسعاف الاسرائيلي حالة التأهب في جميع أنحاء الكيان، أُغلق مطار بن غوريون وتوقفت حركة الطيران من وإلى فلسطين المحتلّة، وسجلّ انقطاع للتيّار الكهربائي في منطقة عكا ومحيطها وفتحت الملاجئ أمام المستوطنين ومنعت التجمعات في كلّ من تل أبيب الكبرى وصولًا إلى الشمال، بالتزامن مع الهجوم الجويّ الكبير الّذي شنّه حزب الله فجر يوم الأحد، والّذي سبقه سلسلة من الغارات العنيفة على عدّة مناطق في الجنوب كان العدوّ قد زعم أنّها “ضربة استباقيّة” أحبط من خلالها هجومًا كبيرًا لحزب الله كان الأخير سيضرب به منشآت واسعة في العمق الاسرائيلي.
ولكن بيان حزب الله سرعان ما كشف زيف ادّعاءات العدوّ، وأعلن عن شنّه هجومًا جويًّا بـ 320 صاروخًا وعدد من المسيرات نحو العمق الصّهيوني وأشار إلى أن الهجوم استهدف هدفًا عسكريًّا إسرائيليًّا نوعيًّا، والّذي كشف عنه سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير، وهي قاعدة الاستخبارات العسكريّة “أمان” ووحدة 8200 في “غيليلوت” قرب “تل أبيب” والّتي تبعد 110 كلم عن لبنان و 1500 متر عن تل أبيب.
أكّد السيد نصرالله أن “عدداً من المسيّرات وصل إلى هذين الهدفين ولكن العدو يتكتم كعادته” ولفت إلى أن منصات إطلاق الصّواريخ الّتي استخدمت لم تصب قبل العملية ومرابض المسيّرات “لم تتعرض لأي أذى لا قبل العملية ولا بعدها”.
وفنّد نصرالله في خطابه ادّعاءات العدوّ ، وأشار إلى أن السرديّة الإسرائيلية بشأن ما جرى مليئة بالأكاذيب وأن “الحديث عن نية المقاومة استهداف مدنيين وأن الاحتلال أحبط ذلك هي ادعاءات كاذبة”، وأكد أن العملية أنجزت كما كان مخطّطًا لها، وأن المناطق الّتي استهدفها العدوّ الاسرائيلي بحجة احتوائها على صواريخ استراتيجيّة، كانت قد أخليت بطلب من الشّهيد القائد فؤاد شكر قبل اغتياله، وبالتالي فإنّ ادّعاء العدوّ الّذي تبنّاه نتنياهو أنّه دمّر آلاف الصّواريخ وآلاف المنصات ادّعاء كاذب، مشيرًا إلى أنّنا “أمام سردية إسرائيلية كاذبة وفشل استخباري”.
هجوم استباقيّ على أهداف فارغة
أكدّ نصرالله نجاح العمليّة، وأن الغارات الّتي سبقت هجوم حزب الله لم تؤثر عليه لأنّ المواقع الّتي استهدفت كانت قد أخليت سابقًا. إذًا، نحن أمام ضربة هجوم استباقي على أهداف فارغة، فبكم قُدّرت الخسائر؟
في تقرير لصحيفة “غلوبس” العبريّة، قدّر مسؤول كبير في الصّناعات العسكريّة أنّ “الهجوم الاستباقي” كلّف حوالي 120 مليون دولار، تتوزّع على قنابل JDAM (100 مليون دولار) و (18 مليون دولار) كلفة إطلاق 100 طائرة حربية لمدة 6 ساعات، (1.8 مليون دولار) كلفة تشغيل طائرات استطلاعيّة لمدّة 12 ساعة، بالإضافة إلى تكلفة تشغيل نظام الدّفاع الجويّ.
وفي المقابل، حزب الله في هجومه استخدم 340 صاروخ كاتيوشا، التي تقدّر تكلفة المنصة الواحدة منها بين 6 آلاف إلى 10 آلاف دولار، والّتي أشار السيد نصرالله أن العدو الاسرائيلي بضرباته كان قد استهدف عددًا منها لكنها لم تكن قد استخدمت في عملية الرد، وأضاف أن “قيمتها لا تذكر أمام ما جرى اليوم، أمام المشهد الكبير والعظيم والقوي الّذي شهدناه”، أمّا المسيّرات فتُقدّر انتاج الواحدة منها ب 2500 دولار، وإنتاج السرب بحوالي 10 الاف دولار.
أمّا عن نتائج هذا الهجوم “الاستباقي” فجاءت على الشكل الآتي:
-فشل استخباراتي حول كشف أماكن الصواريخ الاستراتيجية
-فشل في إحباط عملية الرّد
وفي وقت لاحق، أكد مراسل إذاعة جيش العدو الإسرائيلي أنّ “إسرائيل تعترف “بأنها لم تكن تعرف بالضبط ما هي خطة حزب الله الهجومية وما هي الأهداف التي خطط لضربها بالضبط ولا توقيت الهجوم”، واعترف البيت الأبيض بأن هجوم حزب الله “كان كبيرًا ومختلفًا في نطاقه عمّا كنا نراه يوميًا”، ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن المحللين الإسرائيليين أن “عملية حزب الله وضرباته كانت ناجحة جداً”، فيما واصل الحزب عمليّاته في جبهة الإسناد على الحدود الشّمالية لفلسطين المحتلّة، تاركًا إسرائيل في المربّع الأول من الانتظار والخوف والترقب، وفي حالة تأهب وانتظار للمرحلة الثانية من الرّد في حال قدّر الحزب أن نتيجة المرحلة الأولى لم تكن “مرضية”،
سرعان ما خرج الإعلام العبري مستهزئًا بالضّربة الاستباقيّة، فقال عميحاي عتالي في صحيفة “يديعوت أحرنوت” أن “الحفل قد انتهى وأعلنت قيادة الجبهة الداخلية، من الممكن العودة إلى الحياة الروتينية من الخضيرة إلى جديراه (في الوسط)، مشيرًا إلى أن الحكومة تخلت عن الشمال وتجاهلت “نزوح عشرات الآلاف من النازحين من منازلهم دون أي خطة عمل، الناس في “إسرائيل” يعودون إلى الصمت المصطنع، بعد حقن الأكاذيب في الوريد حول الضربة القاسية والردع الشديد”، وقد نقل موقع القناة 12 العبريّة أن الناس في إسرائيل يتساءلون كيف لهذا الهجوم الواسع والضربة القاسية أن تكون “غير موثقة، ولا توجد صور وتوثيق للأضرار والأذى في لبنان”، وقد لفت الموقع إلى غياب التقارير عن وقوع إصابات في صفوف حزب الله بعد هذا الهجوم.