الكابتن عباس الشرقاوي ….. لاعب أوروبي في بلاد العرب ….حول الكرة الى مدرسة بعدما كانت محصورة بين الأقدام
خاص الليطاني نيوز – رضا دياب
من منزل متواضع في حي صغير في بلدة صغيرة حمل عباس الشرقاوي أحلامه منذ طفولته وبدأ برسمها مع أولاد الحي على الطريق المعبدة ” بالزفت ” أمام منزله يجري والكرة تجري امامه ورفقاه يجرون خلفه
لم يكن المشهد عادياً كيف يتفنن بالكرة وسريعا ما انتقل الى ارض الملعب ليجاري شباب بلدته في عدة دورات رياضية محلية وهناك خلف خط الملعب كان الجمهور الحاضر يتهامس ” هالصبي اذا بضل هيك عندو مستقبل ” كلمات لا زلت أذكرها جيداً
لم يمض وقت طويل حتى انتقل الى صفوف نادي العهد وبعدها انتقل الى صفوف نادي التضامن صور وأصبح لاعباً أساسياً في التشكيلة الأساسية يحمل شارة الكابتن واسماً يصدح كل اسبوع على شاشات التلفزة
لم تنحصر أحلام ابن بلدة ارزي الجنوبية الممتدة على ضفاف الليطاني بالكرة فحسب فهو طالب جامعي حائز على إجازة في علوم الكمبيوتر من الجامعة اللبنانية إضافة الى شهادة الأمتياز الفني في التربية البدنية من معاهد أمجاد الجامعية وشهادات تدريب آسيوية
إضافة الى أداء تجارب احترافية في كرة القدم خارج لبنان
رغم حداثة سنه وفعله ما لم يفعله غيره من الذين لا ينفكون يومياً وفي كل مناسبة رياضية يحاضرون بالناس عن القيم والمبادئ الرياضية التي لا نراها حتى في تصرفاتهم لم يخرج عباس من بيئته حيث بدأ باستثمار مهاراته بين أهله جامعاً من حوله شمل جميع أبناء وأطفال البلدة في أكاديمية خاصة لتعليم كرة القدم
أكاديمية sportivo ….حلم فريد من نوعه
لم تكن فكرة إنشاء أكاديمية رياضية بالفكرة الجديدة حيث يوجد في عدة مناطق أكاديميات رياضية إلا أن إنشاء الشرقاوي لأكاديمية رياضية كانت نقلة نوعية له في مسيرته الرياضية حيث أصبح اللاعب والمدرب ومخرج أجيال رياضية في آن واحد ، واجه الكثير من الصعوبات في بداياته وخاصة ان إنشاء المدرسة جاء في العام 2019 مع بداية الأزمة اللبنانية وتلاها عدة ازمات أبرزها أزمة كورونا الا ان كل ذلك لم يمنعه عن مواصلة ما بدأ به ومع بدء رحلة الأكاديمية نهض الشرقاوي ببلدته التي كان يحلم أبناؤها كثيراً باللعب مع الأندية اللبنانية ولم يجدوا من يحتويهم فساعد وساهم ودرب الكثير من الشباب الذين ينضوون اليوم تحت الفئات العمرية للأندية اللبنانية
مع مرور الوقت لم يكتفٍ الشرقاوي بالبقاء على حافة الحلم فقد غرق به حتى أغرق معه الأهالي في أفكاره الجديدة المتطورة الذين وجدوا في الاكاديمية صرحاً آمناً يستطيعون فيه حث أبناءهم على الرياضة وإيجاد أنشطة لا صفية يمضون فيها أوقات فراغهم وهو ما عجزت عنه الدولة ومصغرها “البلديات ” من تأمينه للمجتمع حيث تخطى عدد المنتسبين لمدرسته الكروية ال 120 طفل مجهزين ببدلاتهم الرياضية إضافة الى ملعب خاص أيضا يحمل اسم الأكاديمية تجري عليه التدريبات
تتميز الأكاديمية بكادر تدريبي يحمل شهادات اسيوية في التدريب أصبحوا شبه مفرغين للتدريب في الاكاديمية وما يميز الاداء أكثر هو التنظيم والتعاطي بمسؤولية وتطبيق القوانين الخاصة بالمدرسة حتى تظن نفسك أمام مدرسة أوروبية حيث يدخل كل طالب الى أرض الملعب ومعه بطاقة انتساب خاصة الى الأكاديمية يشرف عليها المدربين إضافة الى معدات خاصة باللاعب يستلمها أثناء التمارين
نكاد نقول أن من يرى المشهد وقت التدريب يقف منبهراً من حجم الحضور اضافة الى الأهالي الذين يتمركزون على مدرجات الملعب لرؤية أبنائهم يمارسون رياضتهم المفضلة
لا يقتصر عمل الأكاديمية على التدريب بل تقوم بإجراء المباريات بينها وبين اكاديميات اخرى وما ميز هذا العام هو استضافتها لبطولة الأكاديميات في الجنوب حيث كانت بطولة حاشدة حازت فيها المركز الثاني
مدرسة كروية وأخلاقية
مع بداية هذا العام كان لافتاً ان عمل المدرسة لا يقتصر على التمارين بل تخطاها الى محاضرات توعوية عبر مختصين نفسيين واجتماعيين اضافة الى محاضرات للمدربين وتوزيع وأقسام المهام وكان لافتاً أيضاً أن المدرسة تخطت فكرة حصر الرياضة بالذكور فقط حيث افتتحت صفاً للفتيات اللواتي يرغبن تعلم كرة القدم وأيضاً افتتاح مركز ثاني للأكاديمية في بلدة الخرايب الجنوبية
كل هذا هو من فعل رجل واحد ولاعب واحد آمن بأن العقل العربي أيضاً يمكنه ان ينقل الرياضة المحصورة بين الأقدام الى مدرسة تبث الأفكار الحقيقية بعد ان تخلى عن المعتقدات السائدة التي تكبل أي حلم دون ان يتخلى عن أي شيء من مبادئه التي تربى عليها في بيئته منذ الصغر