ما الذي يحدث في البحر الأحمر؟ وهل ستأخد الحرب على غزة منحًى جديدًا بالتوسع بعد استهداف اليمن؟
محمد السيد
أضاف استهداف اليمن من قبل أميركا وبريطانيا والمتحالفين معهم المزيد من التعقيدات على الحرب الملتهبة في غزة منذ أكثر من 100 يوم وزادت من مستوى التحليلات المتوقعة لما ستشهده الأيام القادمة وما يرسم للمنطقة بشكل عام ولغزة بشكل خاص.
فيما أكد مسؤول حوثي حصول الغارات في العاصمة صنعاء ومدن صعدة وذمار والحديدة ووصفها بأنها عدوان أمريكي صهيوني بريطاني٬ كما حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن من أنه لن يتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات إذا لزم الأمر.
وقد نفذت الولايات المتحدة ضربات مركزة على ما تسميهم “وكلاء إيران” في سوريا والعراق منذ اندلاع حرب غزة، حيث تعد هذه الضربات أول تدخل واسع النطاق ضد الحوثيين الذي يستهدفون السفن الإسرائيلية أو المتجهة من وإلى موانئ الكيان منذ أشهر تضامناً مع غزة.
وهي الهجمات التي وصفتها افتتاحية صحيفة وول ستريت جورنال بأنها “أهم تهديد للشحن العالمي منذ عقود”، ودفعت وزير الدفاع الأمريكي في 18 كانون الأول الماضي، لإعلان تشكيل قوة عمل بحرية باسم “حارس الازدهار” تضم 10 دول، بينها دولة عربية (البحرين) بهدف مواجهة الهجمات في البحر الأحمر.
هذه الضربات التي تتالت على اليمن تهدد بتأجيج الصراع الإقليمي المشتعل بالأصل٬ وأعقب الأمر اعتراضات وتشكيكات من نواب في الكونغرس الأمريكي في حيازة الرئيس الأمريكي جو بايدن للتخويل القانوني الذي يسمح له بتنفيذ مثل هذه الهجمات من دون موافقة الكونغرس قبلها، حسب ما نشره موقع The Intercept الأمريكي.
في غضون ذلك، فإن الضربات الأمريكية في اليمن تعني إشراك الولايات المتحدة إشراكاً مباشراً في حرب الاحتلال الإسرائيلي على فصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله.
وزعم بايدن في سياق تبريره لهذه الضربات أنها “عمل دفاعي” – أي إنها تندرج في إطار السلطات الرئاسية الممنوحة له – وتعهَّد باتخاذ مزيد من الإجراءات لتأمين البحر الأحمر.
ومع ذلك، لم تكد تمضي بضع ساعات إلا وشكَّك نواب في الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في دستورية الهجوم الأمريكي. وقالت عايدة شافيز في موقع Just Foreign Policy، “إنه لأمر رائع أن نرى معارضة الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) لهذا الأمر، ومعارضة من اليسار التقدمي واليمين الشعبوي في الوقت نفسه”، و”من المروع أن إدارة بايدن بدلاً من أن تعمل على وقف جرائم الحرب الإسرائيلية، اختارت أن تُلحق مزيداً من الضرر بسمعتِنا العالمية ونظامِنا الدستوري بالزحف نحو صراع آخر لا شرعية له، في اليمن”.
وفي تصريحات لوزير الدولة البريطاني للقوات المسلحة، جيمس هيبي، عدّ الضربات “مشروعة ودفاعا عن النفس”.
و قال: “لا يمكننا أن نسمح للحوثيين باستخدام التجارة العالمية كرهينة”، مضيفا: “مهما كان رأيك في قضية الحوثيين ومبرراتهم… لا يمكننا أن نسمح لهم بالسعي إلى خنق التجارة العالمية كفدية لتحقيق أهدافهم السياسية والدبلوماسية مهما كانت”.
وأدانت كل من إيران والعراق وعمان هذه الضربات محتسبين أنها ستساهم في توسيع رقعة الحرب في المنطقة٬ فيما قالت روسيا إنها طلبت عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لبحث الضربات العسكرية.
بينما أشارت وزارة الخارجية السعودية إن بلادها دعت إلى ضبط النفس و”تجنب التصعيد” في ضوء الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على مواقع مرتبطة بحركة الحوثي في اليمن. وقالت الوزارة في بيانها إن السعودية، التي شاركت في الأشهر الأخيرة في محادثات سلام مع الحوثيين في اليمن، تراقب الوضع من كثب “بقلق بالغ”، بحسب رويترز.
من جانبه، قال حزب الله، في بيان: “نُدين بكل شدة العدوان الأمريكي-البريطاني السافر على اليمن الشقيق وأمنه وسيادته”. كما أدانت الجمعة حركتا حماس والجهاد الإسلامي الهجمات، وقالت حركة حماس، في بيان: “ندين بشدة العدوان الأمريكي-البريطاني السافر على اليمن، ونحمّلهما مسؤولية تداعياته على أمن المنطقة”.
هل تتوسع الحرب؟
بعد القصف الذي تعرضت له اليمن هدد القيادي بأنصار الله عبدالله بن عامر باستهداف القواعد البريطانية والأمريكية المنتشرة في المنطقة في حال وسعت لندن وواشنطن من استهداف مراكز الحركة على الأراضي اليمنية. فيما قال القيادي علي القحوم: “إن الحرب مفتوحة، والأمريكيون والبريطانيون سيندمون على عدوانهم وسيدفعون الثمن باهظاً”.
من جانبها، قالت إيران إن الهجمات هي انتهاك لسيادة اليمن وسلامة أراضيه، مؤكدة أن الضربات ستكون نتيجتها “مزيد من عدم الأمن وعدم الاستقرار في المنطقة”.
وجددت الولايات المتحدة اتهاماتها لإيران بالتورط عملياً في هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وتوفير القدرات العسكرية والاستخباراتية لتنفيذها.
ويتوقع مسؤولون أميركيون رفيعي المستوى رد قاس وانتقامي للحوثيين على الضربات المتتالية التي تعرضت لها منذ فجر يوم الجمعة٬ فيما أكّد مسؤول صهيوني أن تل أبيب في حالة تأهب تحسباً لأي انتقام عقب الهجمات، مشيراً إلى إخطار إسرائيل مُسبَقاً بالضربات الأمريكية-البريطانية التي استهدفت مواقع الحوثيين.