بليدا “بيت المولود” الذي يولد على طريق القدس من عملية القدس إلى طوفان الأقصى
زهراء قصير / ليطاني نيوز
متخامة للأراضي اللبنانية المحتلة، مطلة على أرض فلسطين المحتلة، تقبع بلدة بليدا الحدودية. مع بدء الحرب في الثامن من شهر اكتوبر، سمِع أغلب اللبنانيين اسمها، لكن ليس شهرة ولا اعلان سياحة بل ذوداً عن الأرض وعلى طريق القدس.
في العام 1991 انغمس مجاهدو المقاومة الاسلامية والجهاد الاسلامي في بلدة بليدا لتنفيذ كمين استشهادي بموكب قائد القطاع الغربي في الاحتلال آنذاك “بيدوكس” وخاضوا قتالاً ملحمياً حتى استُشهدوا، ومنهم الشهيد الاستشهادي حسين منصور التي أطلقت المقاومة اسمه على عملية في أواخر شهر تشرين الاول، وأطلق على العملية اسم عملية القدس الشريف، فالبلدة أيقنت منذ الرصاصة الأولى قضيتها وأحكمت سلاحها نحو البوصلة الأساس.
بليدا وتعني “بيت المولود” كان لها نصيبها من اعتداءات العدو الصهيوني، وهدم البيوت وسقوط القذائف المعادية، حتى نزفت دماً محبة لفلسطين الغريبة ولغزة فارتفع منها 9 شهداء آخرهم ثلاثة من عائلة واحدة مع الأم استهدفهم الغدر الصهيوني في بلدة خربة سلم بعد نزوحهم من بلدتهم.
أحلام فقيه الشهيدة والوالدة والزوجة، كمثل الأمهات الجنوبيات التي ما انحنت يوماً الا لتزرع أثلام الأرض حباً وعطاءً، والأب والشهيد جعفر علي مرجي خادم المسجد، يحيك بدموعه سجادة المصلين، وينتظر المؤمنين التائقين للقاء الله في الصلاة ليخدمهم، ثم يعرج للقاء الله تعالى.
الشهيد والأستاذ علي مرجي، الذي ارتقى في عيده، عيد المعلم، لتبقى ذكراه عابقة مع كل احتفال، وليعلم الأجيال أن القضايا الكبرى يستحق أن نبذل لها دماء الوريد. علي وعلى عكازه بعد إصابته بالرباط الصليبي في قدمه، حضر لتشييع الشهيدين على طريق القدس بالأمس في بلدته بليدا، ومشى وراء النعش وكأنه الوداع الأخير لبيوت البلدة المهدمة وحاراتها، ليعود شهيداً مع عائلته تزفه الأمهات إلى روضته البهية. وأخوه حسن، الباني أحلامه على شواطئ الحياة، كما كل الشباب الجنوبي المفعم بالحياة، بحب هذه الأرض المقدسة، التي بُذلت لها الدماء حتى اخضرت واينعت.
بليدا، عيتا، كفركلا، والطيبة وسائر القرى الحدودية والجنوبية، تقيم الأعراس لشهدائها، فلا الوقت وقت الدمع وسكب الآه، لذا في أعراس الجنوب لا حناء للعريس سوى دمه ولا ترانيمات سوى تلبيات الاباء في العهد بالمضي على طريق الجهاد. ويختلف العرس أيضاً هذه المرة ففيه يحضر الأولاد لزفة الأب والأم، عرساً لا يشبه أعراس الدنيا.