خبير بيئي يحذر: هذا ما سنشهده في أيلول وتشرين.. غابات لبنان في خطر!
لعل أخطر ما نواجه في مشكلة الحرائق التي تضرب لبنان بشكل مستمر نتيجة لعدة أسباب ما بين مفتعل واهمال وتمرد طبيعي، أنّ صعوبة كبيرة تكمن في السيطرة عليها وفي وامتدادها بشكل مفاجئ وسريع. واليوم تتوسع رقعة خرائط مؤشر الحرائق، وموجة حارة تنتظرنا في السابع عشر من الشهر الجاري بحسب توقعات الأرصاد الجوية، فأي سيناريو سنشهده؟
حتما، اليوم ليس التغير المناخي، السبب الرئيس لاشتعال الحرائق، تلك الشماعة التي تُدرج تحت خانتها مصائب الحرائق التي تندلع سنويا في لبنان، بسيناريو يعيد نفسه بشكل درامي ينذر دوما بما هو أسوأ على المستوى البيئي. فدون ذلك أسباب عدة، فبالإضافة الى التغير المناخي والجفاف التام مع نسبة الرطوبة في الجو التي تؤدي الى اندلاع حريق، ولكن عامل مهم اُضيف مؤخراً على تلك الأسباب ويرتبط الى حد كبير بالازمة الاقتصادية الخانقة التي نعيشها. فخلال الشتاء قام كثيرون بقطع الأشجار لبيعها او لاستخدامها الشخصي للتدفئة بشكل غير مسبوق في لبنان، تزامناً مع انقطاع المازوت وغياب الكهرباء وموجة البرد التي ضربت المنطقة، ما أدى الى ترك الاغصان على الأرض . ومع تحولها الى يابسة، وتحت تأثير الحرارة المرتفعة والجفاف، فانها غالبا تشتعل بشكل سريع لوحدها دون تدخل بشري، ويتوسع الحريق لانتشار هذه الاغصان اليابسة في مختلف المساحات الحرجية.
ارتفاع الحرارة
يُعتبر هذا العامل بحسب رئيس حزب البيئة العالمي والخبير البيئي الدكتور ضومط كامل أحد ابرز الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرائق خلال الأشهر الأخيرة من هذا العام، مؤكداً انّنا نعيش ازمة خطيرة في ما يتعلق بالغطاء الأخضر وتقلص المساحات الحرجية الواسعة وخسارة التنوع البيولوجي. ويشير كامل في حديث لـ”لبنان 24″ الى انّ حريق رومية الأخير “للأسف دمر منطقة بأكملها تحتاج الى كميات عالية من الاوكسجين لامتصاص التلوث. فماذا لو ارتفعت حرارة الطقس اكثر، ماذا كان ليحل بنا”.
ويحذر كامل من شهري أيلول وتشرين الأول، مؤكداً ان لبنان سيشهد حرائق غير عادية بالمطلق، حيث ينتظر لبنان موجة حارة في هذين الشهرين، في ظل غياب استراتيجية فعالة لحماية الغابات، وفي ظل استهتار كبير من بعض المواطنين الذين يسهمون أحيانا كثيرة بافتعال الحرائق سواء عن قصد او غير قصد.
غابات متروكة
وتمتد الحرائق بشكل مأسوي بهذه الطريقة لصعوبة الوصول أحيانا كثيرة الى الغابة وداخلها لاطفاء الحريق، وفرق الإطفاء والدفاع المدني لا يتمكنون من الدخول الى الغابة، وبحسب كامل يجب التنبه كثيراً الى هذه النقطة وإيجاد مداخل ومخارج معروفة للغابات كي يتمكن فرق الإطفاء من الوصول اليها اقله في عشر دقائق، فإنّ حصل التأخير عن تلك المدة، فحتماً الحريق سيتمدد أكثر فأكثر.
والشجرة التي تموت نحتاج الى خمسين سنة أخرى لنحصل عليها مرة ثانية، باختصار هذا هو الواقع في لبنان مع خسارة مساحات حرجية واسعة من شأنها ان تلعب دوراً ايجابياً في امتصاص كميات التلوث الكبيرة من الجو وإنتاج غاز الاوكسجين. ويتابع كامل: “كحزب بيئة سنعاود العمل على تشجيع الناس الحفاظ على الثروة الحرجية الكبيرة، ونحاول زيادة الوعي لدى المواطنين من اجل التوقف عن افتعال الاعمال التي يمكن أن تؤدي الى حدوث حريق لا تحمد عقباه، ومستعدون اليوم قبل الغد بتزويد المعنيين بخطط جاهزة واستراتيجيات لحماية الغابات وكل ثروات لبنان”.
وكانت وزارة البيئة حذرت في وقت سابق في بيان من ارتفاع خطر اندلاع حرائق الغابات، مشيرة إلى خطورة شديدة لإمكان اندلاع نيران يصعب السيطرة عليها وإلى احتمال تمددها بشكل مفاجئ وسريع. وأكد بيان الوزارة أن معظم المناطق المعرضة لخطر الحرائق تتوزع على الأراضي اللبنانية كافة وبخاصة في المناطق الشمالية والجنوبية والبقاع، وهو ما أوضحته الوزارة ضمن إشارتها إلى خرائط مؤشر الحرائق الصادرة عن مختبر الحرائق في جامعة البلمند.
وناشدت الوزارة الجميع التقيّد بالإرشادات المطلوبة، وبخاصة الامتناع عن استعمال أي مصدر للنار بالقرب من أي غطاء نباتي مثل حرق الأعشاب اليابسة والالعاب النارية.
وهنا يكمن دور جميع الجهات للتضافر كي لا تكون غابات لبنان متروكة سواء لتدخل الطبيعة او البشر، والا سنكون حتماً امام كارثة بيئية كبيرة، مع أهمية الجهوزية القصوى لمواجهة أي حريق يحدث خلال الفترة المقبلة، فالتأخير يعني النتائج الكارثية.
المصدر: “لبنان 24”